للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم ومعه سفيان، فَأَوَّلُ مَنْ لَقِيَهُ الْأَسْوَدُ فَضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ حَتَّى أطن رجله، فقال له الأسود: أخ يا بن الزانية، فقال له ابن الزبير: اخسأ يا بن حَامٍ، أَسْمَاءُ زَانِيَةٌ؟ ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْوَانِهِ يَرْمُونَ أَعْدَاءَهُ بِالْآجُرِّ، فَأَصَابَتْهُ آجُرَّةٌ مِنْ أَعْوَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَفَلَقَتْ رَأْسَهُ فَوَقَفَ قَائِمًا وَهُوَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ قَرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ (١) وَيَقُولُ: وَلَسْنَا عَلَى الْأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا * وَلَكِنْ عَلَى أقدامنا يقطر الدم (٢) ثُمَّ وَقَعَ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ مَوْلَيَانِ لَهُ وَهُمَا يقولن: الْعَبْدُ يَحْمِي رَبَّهُ وَيَحْتَمِي ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَحَزُّوا رَأْسَهُ.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا: عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: أَنَا حَاضِرٌ مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، يَوْمَ قُتِلَ جَعَلَتِ الْجُيُوشُ تَدَخُلُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، وَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ حَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إِذْ جَاءَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ الْمَسْجِدِ، فَوَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الأبيات: أسماء أَسْمَاءُ لَا تَبْكِينِي * لَمْ يَبْقَ إِلَّا حَسَبِي وَدِينِي * وَصَارِمٌ لَانَتْ بِهِ يَمِينِي * وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أُمَّهُ قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا آنَ لِهَذَا الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ؟ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: ابْنُكُ الْمُنَافِقُ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا كَانَ مُنَافِقًا، إِنْ كَانَ لَصَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولًا لِلرَّحِمِ، فَقَالَ: انْصَرِفِي

يَا عجوز، فإنك قد خرقت، فقالت والله ما خرقت مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَقُولُ: " يَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كذَّاب وَمُبِيرٌ، فَأَمَّا الكذَّاب فَقَدْ رَأَيْنَاهُ، وأمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ ".

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَمَرَّ على ابن الزبير فوقف فترحم عَلَيْهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ".

وَرَوَى سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: ذَكَرْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابن عباس قال: كَانَ عَفِيفًا فِي الْإِسْلَامِ، قَارِئًا لِلْقُرْآنِ، صَوَّامًا قَوَّامًا.

أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيجَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَأُحَاسِبَنَّ لَهُ بِنَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْهَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا زكريا الناجي، ثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، أَبُو سَعِيدٍ الْعَبْسِيُّ


(١) وتمامه في الاستيعاب على هامش الاصابة ٢ / ٣٠٤: ... أوردته الموت وقد ذكيته.
(٢) البيت للحصين بن الحمام، من أبيات في حماسة أبي تمام (١ / ١٩٢ تبريزي) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>