وفيها وقع الخلف بين هولاكو وبين السلطان بركه خان ابن عمه، وأرسل إليه بركه يطلب منه نصيبا مما فتحه من البلاد وأخذه من الأموال والاسرار، على ما جرت به عادة ملوكهم، فقتل رسله فاشتد غضب بركه، وكاتب الظاهر ليتفقا على هولاكو.
وفيها وقع غلاء شديد بالشام فبيع القمح الغرارة بأربعمائة والشعير بمائتين وخمسين، واللحم الرطل بستة أو سبعة. وحصل في النصف من شعبان خوف شديد من التتار فتجهز كثير من الناس إلى مصر، وبيعت الغلات حتى حواصل القلعة والامراء، ورسم أولياء الأمور على من له قدرة أن يسافر من دمشق إلى بلاد مصر، ووقعت رجفة عظيمة في الشام وفي بلاد الروم، ويقال إنه حصل لبلاد التتر خوف شديد أيضا، فسبحان الفعال لما يريد وبيده الامر. وكان الآمر لأهل دمشق بالتحول منها إلى مصر نائبها الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري، فأرسل السلطان إليه في ذي القعدة فأمسكه وعزله واستناب عليها بهاء الدين النجيبي، واستوزر بدمشق عز الدين بن وداعة.
وفيها نزل ابن خلكان عن تدريس الركنية لأبي شامة وحضر عنده حين درس وأخذ في أول مختصر المزني.
وفيها توفي من الأعيان:
[الخليفة المستنصر بن الظاهر بأمر الله العباسي]
الذي بايعه الظاهر بمصر كما ذكرنا، وكان قتله في ثالث المحرم من هذه السنة، وكان شهما شجاعا بطلا فاتكا، وقد أنفق الظاهر عليه حتى أقام له جيشا بألف ألف دينار وأزيد، وسار في خدمته ومعه خلق من أكابر الامراء وأولاد صاحب الموصل، وكان الملك الصالح إسماعيل من الوفد الذين قدموا على الظاهر فأرسله صحبة الخليفة، فلما كانت الوقعة فقد المستنصر ورجع الصالح إلى بلاده فجاءته التتار فحاصروه كما ذكرنا، وقتلوه وخربوا بلاده وقتلوا أهلها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
[العز الضرير النحوي اللغوي]
واسمه الحسن بن محمد بن أحمد بن نجا من أهل نصيبين ونشأ بإربل فاشتغل بعلوم كثيرة من علوم الأوائل، وكان يشتغل عليه أهل الذمة وغيرهم، ونسب إلى الانحلال وقلة الدين، وترك الصلوات، وكان ذكيا، وليس بذكي، عالم اللسان جاهل القلب، ذكي القول خبيث الفعل،