للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمَانِعُ قَوْمَهُ الدُّخُولَ وَيُدَافِعُهُمْ وَالْبَابُ مُغْلَقٌ وَهُمْ يَرُومُونَ فَتْحَهُ وَوُلُوجَهُ وَهُوَ يَعِظُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ مِنْ وراء الباب وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح فَلَمَّا ضَاقَ الْأَمْرُ وَعَسُرَ الْحَالُ قَالَ [مَا قَالَ] (١) : لَوْ أنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إلى ركن شديد " لَأَحْلَلْتُ.

بِكُمُ النَّكَالَ * قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ (يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) [هود: ٨١] وَذَكَرُوا أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَضَرَبَ وُجُوهَهُمْ خَفْقَةً بِطَرَفِ جَنَاحِهِ فَطُمِسَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى قِيلَ إِنَّهَا غَارَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا مَحَلٌّ وَلَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ فَرَجَعُوا يَتَجَسَّسُونَ مَعَ الْحِيطَانِ.

وَيَتَوَعَّدُونَ رَسُولَ الرَّحْمَنِ وَيَقُولُونَ إِذَا كَانَ الْغَدُ كَانَ لَنَا وَلَهُ شَأنٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ) فَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقَدَّمَتْ إِلَى لُوطٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ آمِرِينَ لَهُ بِأَنْ يَسْرِيَ هُوَ

وَأَهْلُهُ مِنْ آخِرِ اللَّيل وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَعْنِي عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ الْعَذَابِ إِذَا حَلَّ بِقَوْمِهِ وَأَمَرُوهُ أَنْ يَكُونَ سَيْرُهُ فِي آخِرِهِمْ كالساقة لهم * وقوله (إِلَّا امْرَأَتَكَ) عَلَى قِرَاءَةِ النَّصْبِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى من قوله فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِلَّا امْرَأَتَكَ فَلَا تَسْرِ بِهَا.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْتَفِتْ منكم أحد إِلَّا امْرَأَتَكَ.

أَيْ فَإِنَّهَا سَتَلْتَفِتُ فَيُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ.

وَيُقَوِّي هَذَا الِاحْتِمَالَ قِرَاءَةُ الرَّفْعِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَاسْمُ امْرَأَةِ لُوطٍ وَالِهَةُ وَاسْمُ امْرَأَةِ نُوحٍ وَالِغَةُ.

وَقَالُوا لَهُ مُبَشِّرِينَ بِهَلَاكِ هَؤُلَاءِ الْبُغَاةِ الْعُتَاةِ الْمَلْعُونِينَ النُّظَرَاءِ وَالْأَشْبَاهِ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ سَلَفًا لِكُلِّ خَائِنٍ مُرِيبٍ (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) [هود: ٨١] فَلَمَّا خَرَجَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَهْلِهِ وَهُمُ ابْنَتَاهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَيُقَالُ إِنَّ امْرَأَتَهُ خَرَجَتْ مَعَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَلَمَّا خَلَصُوا مِنْ بِلَادِهِمْ وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَكَانَ عِنْدَ شُرُوقِهَا جَاءَهُمْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا لَا يُرَدُّ.

وَمِنَ الْبَأْسِ الشَّدِيدِ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُصَدَّ * وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَمَرُوهُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ الَّذِي هُنَاكَ فَاسْتَبْعَدَهُ وَسَأَلَ مِنْهُمْ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُمْ فَقَالُوا اذْهَبْ فَإِنَّا نَنْتَظِرُكَ حَتَّى تَصِيرَ إِلَيْهَا وَتَسْتَقِرَّ فِيهَا ثُمَّ نُحِلَّ بِهِمُ الْعَذَابَ فَذَكَرُوا أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى قَرْيَةِ صُغَرَ الَّتِي يقول الناس غورزغر فَلَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود: ٨٢ - ٨٣] قَالُوا اقْتَلَعَهُنَّ جِبْرِيلُ بِطَرَفِ جَنَاحِهِ مِنْ قَرَارِهِنَّ وَكُنَّ سبع مدن (٢) بمن فيهن من الأمم فقالوا إنهم كانوا أربع مائة نسمة.

قيل أربعة آلاف (٣) نَسَمَةٍ وَمَا مَعَهُمْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَمَا يَتْبَعُ تلك المدن من الاراضي والاماكن


(١) سقطت من النسخ المطبوعة.
(٢) في الطبري والكامل والمسعودي: خمس قرى، ذكر المسعودي المدائن الخمس وهي: سدوم، عمورا، وادموتا، وصاعورا، وصابورا.
(٣) وفي نسخة: أربعة آلاف ألف نسمة.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>