للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له أنا ومصعب بن عمير، وأناس ممن ثبت مع رسول الله فضربني هذه الضربة. ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كانت عليه درعان. قال ابن إسحاق: وترس أبو دجانة دون رسول الله بنفسه، يقبع (يقع) النبل في ظهره وهو منحن عليه، حتى كثر فيه النبل. قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن رسول الله رمى عن قوسه حتى اندقت سيتها، فأخذها قتادة بن النعمان فكانت عنده. قال ابن إسحاق: وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بني عدي بن النجار قال: انتهى أنس بن النضر، عم أنس بن مالك، إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم، فقال: فما يجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله . ثم استقبل القوم، فقاتل حتى قتل، وبه سمي أنس بن مالك. فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة، فما عرفه إلا أخته، عرفته ببنانه. قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم: أن عبد الرحمن بن عوف أصيب فوه يومئذ فهتم وجرح عشرين جراحة أو أكثر أصابه بعضها في رجله فعرج.

[فصل]

قال ابن إسحاق: وكان أول من عرف رسول الله بعد الهزيمة وقول الناس قتل رسول الله كما ذكر لي الزهري - كعب بن مالك قال: رأيت عينيه تزهران من تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله . فأشار رسول الله [إلي] (١) أن انصت. قال ابن إسحاق: فلما عرف المسلمون رسول الله نهضوا به، ونهض معهم نحو الشعب، معه أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام والحارث بن الصمة ورهط من المسلمين. فلما أسند رسول الله في الشعب أدركه أبي بن خلف (فذكر قتله أبيا كما تقدم). قال ابن إسحاق: وكان أبي بن خلف، كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، يلقى رسول الله بمكة فيقول: يا محمد إن عندي العود - فرسا - أعلفه كل يوم فرقا (٢) من ذرة، أقتلك عليه. فيقول رسول الله : بل أنا أقتلك إن شاء الله. فلما رجع إلى قريش، وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم فقال: قتلني والله محمد. فقالوا له: ذهب والله فؤادك، والله إن بك بأس قال: إنه قد كان قال لي بمكة: أنا أقتلك. فوالله لو بصق علي لقتلني. فمات عدو الله بسرف (٣) وهم قافلون به


(١) من ابن هشام.
(٢) الفرق: بفتح الراء واسكانها: مكيال يسع ستة عشر منا، وقيل اثني عشر رطلا.
(٣) سرف: موضع على ستة أميال من مكة وقيل سبعة وتسعة واثني عشر، بها تزوج رسول الله ميمونة بنت الحارث وبنى بها فيها وبها توفيت (معجم البلدان).

<<  <  ج: ص:  >  >>