للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتدفن بلا أكفان، فلولا أَنَّ الْمَوْتَ فِي طَلَبِكَ لَدَلَلْتُكَ عَلَى مَوْضِعِ هربك.

قال بعض الناس: كان يقال في ذلك الزمان يقتل ع بْنِ ع بْنِ ع م بْنَ م بْنِ م يَعْنُونَ يَقْتُلُ عَبْدُ اللَّهِ بن علي بْنِ عبَّاس مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَلَسَ مَرْوَانُ يَوْمًا وَقَدْ أُحِيطَ بِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ خَادِمٌ لَهُ قَائِمٌ، فَقَالَ مروان لِبَعْضِ مَنْ يُخَاطِبُهُ: أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ لَهْفِي عَلَى أَيْدٍ مَا ذُكِرَتْ، وَنِعَمٍ مَا شُكِرَتْ، وَدَوْلَةٍ مَا نُصِرَتْ.

فَقَالَ لَهُ الْخَادِمُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ تَرَكَ الْقَلِيلَ حَتَّى يَكْثُرَ، وَالصَّغِيرَ حَتَّى يَكْبُرَ، وَالْخَفِيَّ حَتَّى يَظْهَرَ، وَأَخَّرَ فِعْلَ الْيَوْمِ لِغَدٍ، حَلَّ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.

فَقَالَ مَرْوَانُ: هَذَا الْقَوْلُ أَشُدُّ عليَّ مِنْ فَقْدِ الْخِلَافَةِ.

وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَرْوَانَ قُتِلَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ جَاوَزَ السِّتِّينَ وَبَلَغَ الثَّمَانِينَ.

وَقِيلَ إِنَّمَا عَاشَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَهُوَ آخِرُ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ بِهِ انْقَضَتْ دَوْلَتُهُمْ.

مَا وَرَدَ فِي انْقِضَاءِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وابتداء بني العباس من الأخبار النبوية

قَالَ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا بَلَغَ بَنُو الْعَاصِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلًا " (١) .

وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ، وَرَوَى ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ عَنِ ابْنِ وهب أنَّه كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ بن الحكم فتكلم فِي حَاجَةٍ فَقَالَ: اقْضِ حَاجَتِي فَإِنِّي لَأَبُو عشرة، وأخو عشرة وعم عَشَرَةٍ.

فلمَّا أَدْبَرَ مَرْوَانُ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ: أَمَا تَعْلَمُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا بَلَغَ بَنُو الْحَكَمِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ بَيْنَهُمْ دُوَلًا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا، وَكِتَابَ اللَّهِ دَغَلًا، فَإِذَا بَلَغُوا سَبْعَةً وَتِسْعِينَ (٢) وَأَرْبَعَمِائَةٍ، كَانَ هَلَاكُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ لَوْكِ تَمْرَةٍ ".

فَقَالَ ابْنُ عبَّاس: اللَّهُمَّ نعم؟ فلمَّا أدبر مروان قَالَ مُعَاوِيَةُ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ يَا بْنَ عبَّاس أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم ذَكَرَ هَذَا فَقَالَ: " أَبُو الْجَبَابِرَةِ الْأَرْبَعَةِ ".

فَقَالَ ابْنُ عبَّاس: اللَّهم نَعَمْ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِىُّ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مَازِنٍ الرَّاسبيّ قَالَ: قَامَ رجل إلى الحسين بن علي فقال: يا مسوِّد وجوه المؤمنين! فقال الحسين: لَا تُؤَنِّبْنِي رَحِمَكَ اللَّهَ، فإنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم رَأَى بَنِي أُمَيَّةَ يَخْطُبُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ رَجُلًا رَجُلًا فَسَاءَهُ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) [الْكَوْثَرَ: ١] وَهُوَ نَهْرٌ فِي الجنَّة، وَنَزَلَتْ (إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) السورة إلى قوله: (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: ١ - ٣] مملكة بني أمية.

قال: فحسبنا ذلك


(١) رواه البيهقي في الدلائل ٦ / ٥٠٧.
(٢) في دلائل البيهقي ٦ / ٥٠٨: تسعة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>