للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي سعدا وجماعة ممن استشهد يوم بني قريظة:

ألا يا لقومي هل لما حم دافع … وهل ما مضى من صالح العيش راجع

تذكرت عصرا قد مضى فتهافتت … بنات الحشا وانهل مني المدامع

صبابة وجد ذكرتني إخوة … وقتلى مضى فيها طفيل ورافع (١)

وسعد فأضحوا في الجنان وأوحشت … منازلهم فالأرض منهم بلاقع

وفوا يوم بدر للرسول وفوقهم … ظلال المنايا والسيوف اللوامع

دعا فأجابوه بحق وكلهم … مطيع له في كل أمر وسامع

فما نكلوا حتى توالوا جماعة … ولا يقطع الآجال إلا المصارع

لأنهم يرجون منه شفاعة … إذا لم يكن إلا النبيون شافع

فذلك يا خير العباد بلاؤنا … إجابتنا لله والموت ناقع

لنا القدم الأولى إليك وخلفنا … لأولنا في ملة الله تابع (٢)

ونعلم أن الملك لله وحده … وأن قضاء الله لابد واقع

[مقتل أبي رافع اليهودي]

قال ابن إسحاق: ولما انقضى شأن الخندق، وأمر بني قريظة، وكان سلام بن أبي الحقيق وهو أبو رافع - فيمن حزب الأحزاب على رسول الله وكانت الأوس، قبل أحد قد قتلت كعب بن الأشرف، فاستأذن الخزرج رسول الله في قتل سلام بن أبي الحقيق وهو بخيبر فأذن لهم. قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن مسلم الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال: وكان مما صنع الله لرسوله أن هذين الحيين من الأنصار الأوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئا فيه غناء عن رسول الله إلا وقالت الخزرج والله لا يذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأوس مثل ذلك. قال: ولما أصابت الأوس كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله قالت الخزرج: والله لا يذهبون بها فضلا علينا أبدا. قال: فتذكروا من رجل لرسول الله في العداوة كابن الأشرف؟ فذكروا ابن أبي الحقيق وهو بخيبر، فاستأذنوا الرسول الله في قتله، فأذن لهم فخرج من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر: عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة الحارث بن ربعي، وخزاعي بن أسود


(١) في الديوان:
صبابة وجد ذكرتني أحبة … وقتلى مضوا فيها نفيع ودافع
(٢) في الديوان: في طاعة بدل: في ملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>