للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألزمه بعض الوزراء بالخروج إلى نيسابور فدرس بنظاميتها، ثم عاد إلى بلده طوس فأقام بها، وابتنى رباطا واتخذ دارا حسنة، وغرس فيها بستانا أنيقا، وأقبل على تلاوة القرآن وحفظ الأحاديث الصحاح، وكانت وفاته في يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بطوس رحمه الله تعالى، وقد سأله بعض أصحابه وهو في السياق فقال: أوصني، فقال: عليك بالاخلاص، ولم يزل يكررها حتى مات .

[ثم دخلت سنة ست وخمسمائة]

في جمادى الآخرة منها جلس ابن الطبري مدرسا بالنظامية وعزل عنها الشاشي. وفيها دخل الشيخ الصالح أحد العباد يوسف بن داود (١) إلى بغداد، فوعظ الناس، وكان له القبول التام، وكان شافعيا تفقه بالشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ثم اشتغل بالعبادة والزهادة، وكانت له أحوال صالحة، جاراه رجل مرة يقال له ابن السقافي مسألة فقال له: اسكت فإني أجد من كلامك رائحة الكفر، ولعلك أن تموت على غير دين الاسلام، فاتفق بعد حين أنه خرج ابن السقا إلى بلاد الروم في حاجة، فتنصر هناك، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقام إليه مرة وهو يعظ الناس ابنا أبي بكر الشاشي فقالا له: إن كنت تتكلم على مذهب الأشعري وإلا فاسكت، فقال: لا متعتما بشبابكما، فماتا شابين، ولم يبلغا سن الكهولة. وحج بالناس فيها أمير الجيوش بطز الخادم، ونالهم عطش.

وممن توفي فيها من الأعيان ..

[صاعد بن منصور]

ابن إسماعيل بن صاعد، أبو العلاء الخطيب النيسابوري، سمع الحديث الكثير، وولي الخطابة بعد أبيه والتدريس والتذكير، وكان أبو المعالي الجويني يثني عليه، وقد ولي قضاء خوارزم.

[محمد بن موسى بن عبد الله]

أبو عبد الله البلاساغوني (٢) التركي الحنفي، ويعرف باللامشي، أورد عنه الحافظ ابن عساكر حديثا وذكر أنه ولي قضاء بيت المقدس، فشكوا منه فعزل عنها، ثم ولي قضاء دمشق، وكان غاليا في مذهب أبي حنيفة، وهو الذي رتب الإقامة مثنى، قال إلى أن أزال الله ذلك بدولة الملك صلاح


(١) ذكره ابن الأثير في تاريخه باسم: يوسف بن أيوب الهمذاني، الواعظ.
(٢) البلاساغوني: نسبة إلى بلاساغون، بلد في ثغور الترك وراء نهر سيحون قريب من كاشغر (معجم البلدان).

<<  <  ج: ص:  >  >>