للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان الثوري يتمثل بأبياته هذه في الزهد في الدنيا وهي قوله: -

أرى أشقياء الناس لا يسأمونها … على أنهم فيها عراة وجوع

أراها وإن كانت تحب فإنها … سحابة صيف عن قليل تقشع

كركب قضوا حاجاتهم وترحلوا … طريقهم بادي العلامة مهيع

مات عمران بن حطان سنة أربع وثمانين. وقد رد عليه بعض العلماء في أبياته المتقدمة في قتل علي بأبيات على قافيتها ووزنها:

بل ضربة من شقى ما أراد بها … إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا

إني لأذكره يوما فأحسبه … أشقى البرية عند الله ميزانا

[روح بن زنباع الجذامي]

كان من أمراء الشام وكان عبد الملك يستشيره في أموره.

وفيها كان مهلك عبد الرحمن بن الأشعث الكندي وقيل في التي بعدها فالله أعلم. وذلك أن الحجاج كتب إلى رتبيل ملك الترك الذي لجأ إليه ابن الأشعث يقول له: والله الذي لا إله إلا هو لئن لم تبعث إلي بابن الأشعث لأبعثن إلى بلادك ألف ألف مقاتل، ولأخربنها. فلما تحقق الوعيد من الحجاج استشار في ذلك بعض الامراء فأشار عليه بتسليم ابن الأشعث إليه قبل أن يخرب الحجاج دياره ويأخذ عامة أمصاره، فأرسل إلى الحجاج يشترط عليه أن لا يقاتل عشر سنين، وأن لا يؤذي في كل سنة منها إلا مائة ألف من الخراج، فأجابه الحجاج إلى ذلك، وقيل إن الحجاج وعده أن يطلق له خراج أرضه سبع سنين (١)، فعند ذلك غدر رتبيل بابن الأشعث فقيل إنه أمر بضرب عنقه صبرا بين يديه، وبعث برأسه إلى الحجاج، وقيل: بل كان ابن الأشعث قد مرض مرضا شديدا فقتله وهو بآخر رمق (٢)، والمشهور أنه قبض عليه وعلى ثلاثين (٣) من أقربائه فقيدهم في الأصفاد وبعث بهم مع


(١) في رواية عند الطبري ٨/ ٤٠ انه كان عند رتبيل رجل من بني تميم يقال له عبيد بن أبي سبيع (وكان من خواص ابن الأشعث ورسوله إلى رتبيل فخص به رتبيل وخف عليه، فحاول عبد الرحمن قتله، فعمل عبيد على تخويف رتبيل من الحجاج ودعاه إلى الغدر به فقال لرتبيل أنا آخذ لك من الحجاج عهدا ليكفن الخراج عن أرضك سبع سنين على أن تدفع إليه ابن الأشعث. فأجابه إلى ذلك، فخرج عبيد إلى عمارة بن تميم الذي كتب بذلك للحجاج فأجابه الحجاج إلى ذلك). انظر ابن الأثير ٤/ ٥٠١.
أما في ابن الأعثم ٧/ ١٥٦: فكتب الحجاج إلى رتبيل فقد وجهت إليك بعمارة بن تميم في ثلاثين ألفا … فإذا قدموا بلدك فسلم إليهم ابن الأشعث وأنت آمن في بلدك أبدا ما بقيت، لا يؤخذ منك الجزية، ولا يغزوك أحد من العرب، وتعطي في كل سنة خمسمائة ألف درهم.
(٢) في ابن الأثير ٤/ ٥٠٢ والطبري ٨/ ٤٠: أصابه السل ومات، فقطع رأسه رتبيل قبل أن يدفن وأرسله إلى الحجاج.
(٣) في ابن الأعثم: ستة وعشرين رجلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>