للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهرهم عز الدين بقطاي والدوادار وَابْنُ قَوْصُونَ وَأُمُّهُ أُخْتُ السُّلْطَانِ خَلَفَ عَلَيْهَا شيخون بعد قوصون انتهى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ

اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْإِسْلَامِ بِالْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ حسن بن الْمَلِكِ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَقَدْ قَوِيَ جَانِبُهُ وَحَاشِيَتُهُ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ شَيْخُونَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي سَادِسِ عِشْرِينَ ذِي الْقِعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَصَارَ إِلَيْهِ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ شئ كَثِيرٌ مِنَ الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ، وَكَذَلِكَ مِنَ الْمَمَالِيكِ وَالْأَسْلِحَةِ وَالْعُدَّةِ وَالْبَرَكِ وَالْمَتَاجِرِ مَا يَشُقُّ حَصْرُهُ ويتعذر إحصاؤه ها هنا، وَلَيْسَ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِيمَا بَلَغَنَا إِلَى الآن نائب ولا وزير،

والقضاة هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَمَّا دِمَشْقُ فَنَائِبُهَا وَقُضَاتُهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا سِوَى الْحَنَفِيِّ فَإِنَّهُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ الكفري، عوضاً عن نجم الدين الطوسي.

تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَنَائِبُ حَلَبَ سَيْفُ الدِّينِ طَازْ، وَطَرَابُلُسَ مَنْجَكُ، وَحَمَاةَ استدمر الْعُمَرِيُّ، وَصَفَدَ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ، وَبِحِمْصَ صلاح الدين خليل بن خاض برك، وببعلبك ناصر الدين الأقوس.

وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ رَابِعَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ خَرَجَتْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مَعَ أَرْبَعَةِ (١) مُقَدَّمِينَ إِلَى نَاحِيَةِ حَلَبَ نُصْرَةً لِجَيْشِ حَلَبَ عَلَى مَسْكِ طَازْ إِنِ امْتَنَعَ مِنَ السَّلْطَنَةِ كَمَا أُمِرَ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحَادِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ نَادَى الْمُنَادِيَ مِنْ جِهَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ أَنْ يَرْكَبَ مَنْ بَقِيَ مِنَ الْجُنْدِ فِي الْحَدِيدِ وَيُوَافُوهُ إِلَى سُوقِ الْخَيْلِ، فَرَكِبَ مَعَهُمْ قَاصِدًا نَاحِيَةَ ثَنِيَّةِ الْعُقَابِ لِيَمْنَعَ الْأَمِيرَ طَازْ مِنْ دُخُولِ الْبَلَدِ، لَمَّا تَحَقَّقَ مَجِيئُهُ فِي جَيْشِهِ قَاصِدًا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةَ، فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ وَأُخْلِيَتْ دَارُ السَّعَادَةِ مِنَ الْحَوَاصِلِ وَالْحَرِيمِ إِلَى القعلة، وَتَحَصَّنَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ بِدُورِهِمْ دَاخِلَ الْبَلَدِ، وَأُغْلِقَ بَابُ النَّصْرِ، فَاسْتَوْحَشَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ بعض الشئ، ثُمَّ غُلِّقَتْ أَبْوَابُ الْبَلَدِ كُلِّهَا إِلَّا بَابِيَ الْفَرَادِيسِ وَالْفَرَجِ، وَبَابَ الْجَابِيَةِ أَيْضًا لِأَجْلِ دُخُولِ الْحُجَّاجِ، وَدَخَلَ الْمَحْمَلُ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لِشُغْلِهِمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ أَمْرِ طَازْ، وَأَمْرِ الْعَشِيرِ بِحَوْرَانَ، وَجَاءَ الْخَبَرُ بِمَسْكِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ طَيْدَمُرَ الْحَاجِبِ الْكَبِيرِ بِأَرْضِ حَوْرَانَ وَسَجْنِهِ بِقَلْعَةِ صَرْخَدَ، وَجَاءَ سَيْفُهُ صُحْبَةَ الْأَمِيرِ جَمَالِ الدِّينِ الْحَاجِبِ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الْوِطَاقِ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ، وَقَدْ وَصَلَ طَازْ بِجُنُودِهِ إِلَى بَابِ الْقُطَيْفَةِ وَتَلَاقَى شَالِيشُهُ بِشَالِيشِ نَائِبِ الشَّامِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ قِتَالٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، ثُمَّ تَرَاسَلَ هُوَ وَالنَّائِبُ فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ طَازْ نَفْسَهُ وَيَرْكَبُ فِي عشرة


(١) في الاصل: أربع.

<<  <  ج: ص:  >  >>