للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنِّي.

فقال أبو بكر: كلا لا يعطيه أُضَيْبِع (١) مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعُ أَسَدًا مِنْ أُسُدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

قَالَ فَقَامَ رَسُولُ الله فأداه إلي فاشتريت به مخرافاً (٢) فكان أول ما تأثلته، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَمُسْلِمٌ كِلَاهُمَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْقَائِلَ لِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَلَعَلَّهُ قَالَهُ مُتَابَعَةً لِأَبِي بَكْرٍ الصِّديق وَمُسَاعَدَةً وَمُوَافِقَةً لَهُ، أَوْ قَدِ اشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوي وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أنبأ الحاكم، أنبا الأصم، أنبا أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَا رَأَى " يَا عَبَّاسُ نَادِ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ يَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ " (٣) فَأَجَابُوهُ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَذْهَبُ لِيَعْطِفَ بِعِيرَهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذلك، فيقذف درعه عن عنقه، ويأخذ سيفه وترسه ثُمَّ يَؤُمُّ الصَّوْتَ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مِائَةٌ، فَاسْتَعْرَضَ النَّاسَ فَاقْتَتَلُوا وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ أَوَّلَ مَا كانت للأنصار، ثم جعلت آخراً للخزرج وَكَانُوا صُبُرًا عِنْدَ الْحَرْبِ، وَأَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في ركايبه فَنَظَرَ إِلَى مُجْتَلَدِ الْقَوْمِ فَقَالَ " الْآنَ حَمِيَ الوطيس " قال: فوالله ما رَاجِعَةُ النَّاسِ (٤) إِلَّا وَالْأُسَارَى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُكَتَّفُونَ،

فَقَتَلَ اللَّهُ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ، وَانْهَزَمَ مِنْهُمْ مَنِ انْهَزَمَ، وَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أموالهم [ونساءهم] (٥) وَأَبْنَاءَهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ.

وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ وَأَقَرَّ بِهَا عَيْنَهُ، خَرَجَ إِلَى هَوَازِنَ وَخَرَجَ مَعَهُ أَهْلُ مَكَّةَ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا رَكِبَانًا وَمُشَاةً حَتَّى خَرَجَ النِّسَاءُ يَمْشِينَ عَلَى غير دين، نظاراً ينظرون، ويرجعون الْغَنَائِمَ، وَلَا يَكْرَهُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الصَّدْمَةُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، قَالُوا وَكَانَ مَعَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً وَهُوَ مُشْرِكٌ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا، قَالُوا وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّصْرِيُّ وَمَعَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ يَرْعَشُ مِنَ الْكِبَرِ، وَمَعَهُ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ وَالنَّعَمُ، فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَدْرَدٍ عَيْنًا فَبَاتَ فِيهِمْ فَسَمِعَ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: إِذَا أَصْبَحْتُمْ فَاحْمِلُوا عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَاكْسِرُوا أَغْمَادَ سُيُوفِكُمْ وَاجْعَلُوا مَوَاشِيَكُمْ صَفًّا وَنِسَاءَكُمْ صَفًّا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا اعْتَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَصَفْوَانُ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَرَاءَهُمْ يَنْظُرُونَ لِمَنْ تَكُونُ الدَّائِرَةُ، وَصَفَّ النَّاسُ بعضهم


(١) أضيبع: تصغير أضبع، وهو القصير الضيع (الضبع) ويكنى به عن الضعيف.
وتروى: أصيبغ: وهو نوع من الطيور.
القسطلاني (٦ / ٤٠٧) .
(٢) مخراف: السكة، والطريق بين صفين من النخل.
(٣) في الدلائل: يا أصحاب السمرة.
(٤) في الدلائل: ما رجعت راجعة الناس.
(٥) من الدلائل.
ج ٥ / ١٢٩.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>