للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان ملكشاة مات بعده المقتدي، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ مَاتَ بَعْدَهُ المستظهر هذا، في سادس عشر (١) ربيع الآخر، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَثَلَاثَةُ أشهر وأحد عشر يوماً (٢) .

خلافة المسترشد أمير المؤمنين أبو مَنْصُورٍ الْفَضْلِ بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ:

لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ كَمَا ذَكَرْنَا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ وَقَدْ كَانَ وَلِيَ الْعَهْدَ مِنْ بعده مدة ثلاث وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ الْبَيْعَةَ لَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الدَّامَغَانِيُّ، وَلَمَّا اسْتَقَرَّتِ الْبَيْعَةُ لَهُ هَرَبَ أَخُوهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي سَفِينَةٍ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، وَقَصَدَ دُبَيْسَ بْنَ صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيَّ بِالْحِلَّةِ، فَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، فقلق

أخوه الخليفة المسترشد مِنْ ذَلِكَ، فَرَاسَلَ دُبَيْسًا فِي ذَلِكَ مَعَ نَقِيبِ النُّقَبَاءِ الزَّيْنَبِيِّ، فَهَرَبَ أَخُو الْخَلِيفَةِ مِنْ دبيس فأرسل إليه جيشاً فأ؟ جأوه إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَلَحِقَهُ عَطَشٌ شَدِيدٌ، فَلَقِيَهُ بَدَوِيَّانِ فَسَقَيَاهُ مَاءً وَحَمَلَاهُ إِلَى بَغْدَادَ، فَأَحْضَرَهُ أَخُوهُ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقَا وَتَبَاكَيَا، وَأَنْزَلَهُ الْخَلِيفَةُ دَارًا كَانَ يَسْكُنُهَا قَبْلَ الْخِلَافَةِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَطَيَّبَ نَفْسَهُ، وكانت مدة غيبته عن بغداد إحدى عَشَرَ شَهْرًا، وَاسْتَقَرَّتِ الْخِلَافَةُ بِلَا مُنَازَعَةٍ لِلْمُسْتَرْشِدِ.

وفيها كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِبَغْدَادَ، وَانْقَطَعَ الْغَيْثُ وَعُدِمَتِ الأقوات، وتفاقم أمر العيارين ببغداد، ونهبوا الدور نهاراً جهاراً، ولم يستطع الشرط دفع ذلك.

وحج بالناس في هذه السنة الخادم.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ..الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَظْهِرُ كما تقدم.

ثُمَّ تُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ جَدَّتُهُ أَمُّ أَبِيهِ الْمُقْتَدِي.

أرجوان الأرمنية وتدعى قرة العين، كان لها بر كثير، ومعروف، وَقَدْ حَجَّتْ ثَلَاثَ حَجَّاتٍ، وَأَدْرَكَتْ خِلَافَةَ ابْنِهَا المقتدي، وَخِلَافَةَ ابْنِهِ الْمُسْتَظْهِرِ، وَخِلَافَةَ ابْنِهِ الْمُسْتَرْشِدِ، وَرَأَتْ للمسترشد ولدا.


(١) في العبر ٣ / ٤٩٥: منتصف ربيع الآخر.
وفي مرآة الزمان ٨ / ٧٣: ليلة الخميس السادس والعشرين من ربيع الآخر، وفي العبر للذهبي ٤ / ٢٦: في الثالث والعشرين من ربيع الآخر ; وفي الوافي بالوفيات ٧ / ١١٥: ليلة الأحد سابع عشر شهر ربيع الآخر، وفي المنتظم ٩ / ٢٠٠: ليلة الخميس ثالث عشر ربيع الآخر (٢) في الكامل ١٠ / ٥٣٤: وستة أشهر وستة أيام ; وفي العبر ٤ / ٤٦: وله اثنتان وأربعون سنة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>