للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ وَابْنِ الْفَارِضِ وَشَيْخِهِ الْحَرِيرِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ وَحَقِيقَةِ أَمْرِهِ.

تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ الرَّابِعَ عَشَرَ من ربيع الآخر هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ الشَّيْخِ رِسْلَانَ مَعَهُ دَاخِلَ الْقُبَّةِ، وَكَانَ الشَّيْخُ رِسْلَانُ شَيْخَ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمُغَرْبِلِ الَّذِي تَخَرَّجَ عَلَى يَدَيْهِ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ شَيْخُ ابْنِ إِسْرَائِيلَ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: لَقَدْ عَادَنِي مِنْ لَاعِجِ الشَّوْقِ عَائِدُ * فَهَلْ عَهْدُ ذَاتِ الْخَالِ بِالسَّفْحِ عَائِدُ؟ وَهَلْ نَارُهَا بِالْأَجْرَعِ الْفَرْدِ تَعْتَلِي * لمنفردٍ شَابَ الدُّجَى وَهْوَ شَاهِدُ؟ نَدِيمَيَّ مِنْ سُعْدَى أَدِيرَا حَدِيثَهَا * فَذِكْرَى هَوَاهَا وَالْمُدَامَةُ واحد منعمة الأطراف رقت محاسناً * حلى لي في حبها مَا أُكَابِدُ فَلِلْبَدْرِ مَا لَاثَتْ عَلَيْهِ خِمَارُهَا * وَلِلشَّمْسِ مَا جَالَتْ عَلَيْهِ الْقَلَائِدُ وَلَهُ: أَيُّهَا الْمُعْتَاضُ بِالنَّوْمِ السَّهَرْ * ذَاهِلًا يَسْبَحُ فِي بَحْرِ الْفِكَرْ سَلِّمِ الْأَمْرَ إِلَى مَالِكِهِ * وَاصْطَبِرْ فَالصَّبْرُ عُقْبَاهُ الظَّفَرْ لَا تَكُونَنْ آيِسًا مِنْ فرجٍ * إنما الأيام تأتي بالعبر كدر يحدث في وقت الصفا * وصفي يَحْدُثُ فِي وَقْتِ الْكَدَرْ وَإِذَا مَا سَاءَ دَهْرٌ مرةٍ * سَرَّ أَهْلِيهِ وَمَهْمَا سَاءَ سَرْ فَارْضَ عَنْ رَبِّكَ فِي أَقْدَارِهِ * إِنَّمَا أَنْتَ أَسِيرٌ لِلْقَدَرْ

وَلَهُ قَصِيدَةٌ فِي مَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلَةٌ حَسَنَةٌ سَمِعَهَا الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وأصحابه علي الشيخ أحمد إلا عفف عَنْهُ، وَأَوْرَدَ لَهُ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ الْيُونِينِيُّ أَشْعَارًا كَثِيرَةً.

فَمِنْهَا قَصِيدَتُهُ الدَّالِيَّةُ الْمُطَوَّلَةُ الَّتِي أولها: وافى لِيَ مَنْ أَهْوَاهُ جَهْرًا لِمَوْعِدِي * وَأَرْغَمَ عُذَّالِي عليه وحسدي وزار على شط الْمَزَارِ مُطَوَّلًا * عَلَى مغرمٍ بِالْوَصْلِ لَمْ يَتَعَوَّدِ فيَا حُسْنَ ما أهدى لِعَيْنِي جَمَالُهُ * وَيَا بَرْدَ مَا أَهْدَى إِلَى قَلْبِيَ الصَّدِي وَيَا صِدْقَ أَحْلَامِي بِبُشْرَى وِصَالِهِ * وَيَا نَيْلَ آمَالِي وَيَا نُجْحَ مَقْصِدِي تَجَلَّى وُجُودِي إِذْ تَجَلَّى لِبَاطِنِي * بجدٍ سعيدٍ أَوْ بسعدٍ مُجَدَّدِ لَقَدْ حُقَّ لِي عِشْقُ الْوُجُودِ وَأَهْلِهِ * وَقَدْ عَلِقَتْ كَفَّايَ جَمْعًا بِمُوجِدِي ثُمَّ تَغَزَّلَ فَأَطَالَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا تَجَلَّى لِي عَلَى كُلِّ شاهدٍ * وَسَامَرَنِي بِالرَّمْزِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ تَجَنَّبْتُ تَقْيِيدَ الْجَمَالِ تَرَفُّعًا * وَطَالَعْتُ أَسْرَارَ الْجَمَالِ الْمُبَدَّدِ وَصَارَ سَمَاعِي مُطْلَقًا مِنْهُ بَدْؤُهُ * وَحَاشَى لِمِثْلِي مِنْ سَمَاعٍ مُقَيَّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>