عَلِيُّ بن أحمد ابن الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْحَسَنِ الْيَزْدِيُّ، تَفَقَّهَ بِأَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَأَسْمَعَهُ، وَكَانَ له ولأخيه قميص واحد، إذا خرج هذا لبسه وجلس الآخر في البيت عرياناً، وكذا الآخر.
موهوب بن أحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْخَضِرِ، أَبُو مَنْصُورٍ الْجَوَالِيقِيُّ، شَيْخُ اللُّغَةِ فِي زَمَانِهِ، بَاشَرَ مَشْيَخَةَ اللُّغَةِ بِالنِّظَامِيَّةِ بعد شيخه أبي زكريا التبريزي، وكان يؤم بالمقتفي، وربما قرأ الخليفة عليه شَيْئًا مِنَ الْكُتُبِ، وَكَانَ عَاقِلًا مُتَوَاضِعًا فِي ملبسه، طويل الصمت كثير الفكر، وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ الْقَصْرِ أَيَّامَ الْجُمَعِ، وَكَانَ فِيهِ لُكْنَةٌ، وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَى جَانِبِهِ الْمَغْرِبِيُّ مُعَبِّرُ الْمَنَامَاتِ، وَكَانَ فَاضِلًا لَكِنَّهُ كَانَ كَثِيرَ النُّعَاسِ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ فِيهِمَا بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: بَغْدَادُ عِنْدِي ذَنْبُهَا لَنْ يُغْفَرَا * وَعُيُوبُهَا مَكْشُوفَةٌ لَنْ تُسْتَرَا كَوْنُ الْجَوَالِيقِيِّ فِيهَا مُمْلِيًا * لغة وكون المغربي معبّرا ما سور لُكْنته يقول فصاحة * وليوم يقظته يعبّر في الكرا ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وخمسمائة فِي لَيْلَةِ مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا احْتَرَقَ الْقَصْرُ الَّذِي بَنَاهُ الْمُسْتَرْشِدُ، وَكَانَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَكَانَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي قَدِ انْتَقَلَ بِجَوَارِيهِ وَحَظَايَاهُ إِلَيْهِ لِيُقِيمَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَا هو إلا أن ناموا احْتَرَقَ عَلَيْهِمُ الْقَصْرُ بِسَبَبِ أَنَّ جَارِيَةً أَخَذَتْ فِي يَدِهَا شَمْعَةً فَعَلِقَ لَهَبُهَا بِبَعْضِ الْأَخْشَابِ، فاحترق القصر