للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقبل رجل من بني يربوع أو قال: رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله لنا في هؤلاء دماء في الجاهلية. فقال: " إن أبا لا يجني على ولد ثلاث مرات " (١). وقد روى النسائي فضل الصدقة منه عن يوسف بن عيسى، عن الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن جامع بن شداد، عن طارق بن عبد الله المحاربي ببعضه. ورواه الحافظ البيهقي أيضا عن الحاكم، عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن يزيد بن زياد، عن جامع عن (٢) طارق بطوله كما تقدم. وقال فيه فقالت الظعينة: لا تلاوموا فلقد رأيت وجه رجل لا يغدر، ما رأيت شيئا أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه.

[قدوم وافد فروة بن عمرو الجذامي صاحب بلاد معان]

قال ابن إسحاق: وبعث فروة بن عمرو بن النافرة الجذامي، ثم النفاثي إلى رسول الله رسولا باسلامه وأهدى له بغلة بيضاء، وكان فروة عاملا للروم على من يليهم من العرب، وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام، فلما بلغ الروم ذلك من إسلامه طلبوه حتى أخذه فحبسوه عندهم. فقال في محبسه ذلك:

طرقت سليمى موهنا أصحابي … والروم بين الباب والقروان (٣)

صد الخيال وساءه ما قد رأى … وهممت أن أغفى وقد أبكاني

لا تكحلن العين بعدي إثمدا … سلمى ولا تدين للاتيان

ولقد علمت أبا كبيشة أنني … وسط الأعزة لا يحصن لساني

فلئن هلكت لتفقدن أخاكم … ولئن بقيت ليعرفن مكاني

ولقد جمعت أجل ما جمع الفتى … من جودة وشجاعة وبيان

قال: فلما أجمعت الروم على صلبه على ماء لهم يقال له عفرى بفلسطين. قال:

ألا هل أتى سلمى بأن حليلها … على ماء عفرى فوق إحدى الرواحل

على ناقة (٤) لم يضرب الفحل أمها … مشذبة (٥) أطرافها بالمناجل

قال: وزعم الزهري أنهم لما قدموه ليقتلوه قال:

بلغ سراة المسلمين بأنني … سلم لربي أعظمي ومقامي

قال ثم ضربوا عنقه وصلبوه على ذلك الماء، رحمة الله ورضي عنه وأرضاه وجعل الجنة مثواه.


(١) الخبر في دلائل البيهقي ج ٥/ ٣٨٠ - ٣٨١.
(٢) من الدلائل، وفي الأصل ونسخ البداية المطبوعة " بن " تحريف.
(٣) القروان: جمع قرو: وهو حوض من خشب تسقى فيه الدواب وتلغ فيه الدواب.
(٤) في دلائل البيهقي: على بكرة.
(٥) في نسخ البداية المطبوعة: يشد به. والمشذبة: التي أزيلت أغصانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>