للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ ".

قَالَ الْوَلِيدُ فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُمَيْرٍ عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ " مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ " (١) .

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ عن الوليد [بن مسلم] (٢) عَنِ [ابْنِ] (٢) جَابِرٍ بِهِ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِهِ.

بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تعالى منزه عن الولد [تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوا كبير] (٣) قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً) أَيْ شَيْئًا عَظِيمًا وَمُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً.

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً.

وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً.

إِنْ كلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً.

لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً.

وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مريم: ٨٨ - ٩٥] فَبَيِّنَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي لَهُ الولد لأنه خالق كل شئ ومالكه وكل شئ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، خَاضِعٌ ذَلِيلٌ لَدَيْهِ وَجَمِيعُ سُكَّانِ السموات وَالْأَرْضِ عَبِيدُهُ وَهُوَ رَبُّهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ.

بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وخلق كل شئ وهو بكل شئ عَلِيمٌ.

ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كل شئ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شئ

وَكِيلٌ.

لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخبير) [الانعام: ١٠٠ - ١٠٣] .

فبين أنه خالق كل شئ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ، وَالْوَلَدُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُتَنَاسِبَيْنِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا عَدِيلَ له فلا صَاحِبَةَ لَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

اللَّهُ الصَّمَدُ.

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحد) [الاخلاص: ١ - ٤] يقرر أنه الأحد الذي لا نظير له فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أفعاله (الصَّمَدُ) وَهُوَ السَّيِّدُ الَّذِي كَمُلَ فِي عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ و [بلغ] (٤) رحمته وجميع صفاته (لَمْ يَلِدْ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ وَلَدٌ (وَلَمْ يُولَدْ) أي ولم يتولد عن شئ قبله (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ عِدْلٌ وَلَا مُكَافِئٌ وَلَا مساو فقطع النظير المداني الأعلى وَالْمُسَاوِيَ فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ إِذْ لَا يَكُونُ الْوَلَدُ إِلَّا مُتَوَلِّدًا بَيْنَ شَيْئَيْنِ متعادلين أو متقاربين تعالى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتَقَدَّسَ: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ١ كتاب الايمان ١٠ باب ٤٦ / ٢٨ / ص ١ / ٥٧.
والبخاري حديث رقم ١٦٠٤.
(٢) ما بين معكوفين سقطت من نسخ البداية واستدركت من مسلم.
(٣) ما بين معكوفين سقطت من نسخ البداية المطبوعة.
(٤) سقطت من نسخ البداية المطبوعة.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>