للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصعبا، وعلى البصرة ابنه حمزة، وقيل بل كان رجع إليها أخوه، وعلى خراسان وتلك البلاد عبد الله بن خازم السلمي من جهة ابن الزبير والله سبحانه أعلم.

وممن توفي فيها من الأعيان الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وأبو الجهم، وهو صاحب الانبجانية (١) المذكورة في الحديث الصحيح. وفيها قتل خلق كثير يطول ذكرهم.

[ثم دخلت سنة ثمان وستين]

ففيها رد عبد الله أخاه مصعبا إلى إمرة البصرة، فأتاها فقام بها، واستخلف على الكوفة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، قباع، واستعمل على المدينة جابر بن الأسود الزهري، وعزل عنها عبد الرحمن بن الأشعث لكونه ضرب سعيد بن المسيب ستين سوطا، فإنه أراد منه أن يبايع لابن الزبير فامتنع من ذلك فضربه، فعزله ابن الزبير. وفيها هلك ملك الروم قسطنطين بن قسطنطين ببلده، وفيها كانت وقعة الأزارقة.

وذلك أن مصعبا كان قد عزل عن ناحية فارس المهلب بن أبي صفرة، وكان قاهرا لهم وولاه الجزيرة، وكانا المهلب قاهرا للأزارقة، وولى على فارس عمر بن عبيد الله بن معمر، فثاروا عليه فقاتلهم عمر بن عبيد الله فقهرهم وكسرهم، وكانوا مع أميرهم الزبير بن ماحوز (٢)، ففروا بين يديه إلى إصطخر فاتبعهم فقتل منهم مقتلة عظيمة، وقتلوا ابنه (٣)، ثم ظفر بهم مرة أخرى ثم هربوا إلى بلاد أصبهان ونواحيها، فتقووا هنالك وكثر عددهم وعدتهم، ثم أقبلوا يريدون البصرة، فمروا ببعض بلاد فارس وتركوا عمر بن عبيد الله بن معمر وراء ظهورهم، فلما سمع مصعب بقدومهم ركب في الناس وجعل يلوم عمر بن عبيد الله بتركه هؤلاء يجتازون ببلاده، وقد ركب عمر بن عبيد الله في آثارهم، فبلغ الخوارج أن مصعبا أمامهم وعمر بن عبيد الله وراءهم، فعدلوا إلى المدائن فجعلوا يقتلون النساء والولدان، ويبقرون بطون الحبالى، ويفعلون أفعالا لم يفعلها غيرهم، فقصدهم نائب الكوفة الحارث بن أبي ربيعة ومعه أهلها وجماعات من أشرافها، منهم ابن الأشتر وشبث بن ربعي، فلما وصلوا إلى جسر الصراة قطعه الخوارج بينه وبينهم، فأمر الأمير بإعادته، ففرت الخوارج هاربين بين يديه، فاتبعهم عبد الرحمن بن مخنف في ستة آلاف


(١) الانبجانية: كساء من صوف لا علم لها. وهي من أدون الثياب الغليظة.
وفي الحديث: قال : " شغلني اعلام هذه. اذهبوا بها إلى أبي الجهم. وائتوني بانبجانيته " رواه ابن ماجة عن عائشة قالت صلى رسول الله في خميصة لها أعلام … وذكر الحديث. في اللباس (١) باب ح (٣٥٥٠) ص ٢/ ١١٧٦ والبخاري في اللباس (١٩) باب.
(٢) من الطبري وابن الأثير، وقد تقدم، وفي الأصل مأجور.
(٣) واسمه: عبيد الله بن عمر (الطبري - ابن الأثير).

<<  <  ج: ص:  >  >>