للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تيم عن محمد بن خليفة عن محمد بن الحسن عن أبيه قال عمر بن الخطاب بْنِ فَاتِكٍ حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ يُعْجِبُنِي فَذَكَرَ مِثْلَ السِّيَاقِ الْأَوَّلِ سَوَاءً.

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن عبد الرحمن ابن بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيبانيّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ بَلَغَنَا أَنَّكَ تَذْكُرُ سَطِيحًا تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ، لَمْ يَخْلُقْ مِنْ بَنِي آدَمَ شَيْئًا يُشْبِهُهُ؟ قَالَ: قَالَ: نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ سَطِيحًا الْغَسَّانِيَّ لَحْمًا عَلَى وَضَمٍ (١) وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ عَظْمٌ وَلَا عَصَبٌ إِلَّا الْجُمْجُمَةُ، وَالْكَفَّانِ.

وَكَانَ يُطْوَى مِنْ رِجْلَيْهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ كَمَا يُطْوَى الثَّوْبُ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شئ يَتَحَرَّكُ إِلَّا لِسَانُهُ.

فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ حُمِلَ عَلَى وَضَمِهِ فَأُتِيَ بِهِ مَكَّةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَبْدُ شَمْسٍ، وَهَاشِمٌ ابْنَا عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَالْأَحْوَصُ بْنُ فِهْرٍ، وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍّ فَانْتَمَوْا إِلَى غَيْرِ نَسَبِهِمْ وَقَالُوا نَحْنُ أُنَاسٌ مَنْ جُمَحَ أَتَيْنَاكَ بَلَغَنَا قُدُومُكَ، فَرَأَيْنَا أَنَّ إِتْيَانَنَا إِيَّاكَ حَقٌّ لَكَ وَاجِبٌ عَلَيْنَا وَأَهْدَى إِلَيْهِ عَقِيلٌ صَفِيحَةً هِنْدِيَّةً، وَصَعْدَةً رُدَيْنِيَّةً، فَوُضَعِتْ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ لَيَنْظُرُوا، أَهَلْ يَرَاهَا سَطِيحٌ أَمْ لَا.

فَقَالَ: يَا عَقِيلُ نَاوِلْنِي يَدَكَ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَقَالَ: يَا عَقِيلُ وَالْعَالِمِ الْخَفِيَّةْ، وَالْغَافِرِ الْخَطِيَّةْ، وَالذِّمَّةِ الْوَفِيَّةْ، وَالْكَعْبَةِ الْمَبْنِيَّةْ، إِنَّكَ للجائي بِالْهَدِيَّةْ، الصَّفِيحَةِ الْهِنْدِيَّةْ، وَالصَّعْدَةِ

الرُّدَيْنِيَّةْ.

قَالُوا صَدَقْتَ يَا سَطِيحُ، فَقَالَ وَالْآتِي بِالْفَرَحْ، وَقَوْسِ قُزَحْ، وَسَائِرِ الْفَرَحْ، وَاللَّطِيمِ الْمُنْبَطِحْ، وَالنَّخْلِ وَالرُّطَبِ وَالْبَلَحْ، إِنَّ الْغُرَابَ حَيْثُ مَرَّ سَنَحْ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقَوْمَ لَيْسُوا مَنْ جُمَحْ، وَأَنَّ نَسَبَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ذِي الْبِطَحْ.

قَالُوا صَدَقْتَ يَا سَطِيحُ نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، أَتَيْنَاكَ لِنَزُورَكَ لِمَا بَلَغَنَا مِنْ عِلْمِكَ.

فَأَخْبِرْنَا عَمَّا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا هَذَا وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ فَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ قَالَ: الْآنَ صَدَقْتُمْ، خُذُوا مِنِّي وَمِنْ إِلْهَامِ اللَّهِ إِيَّايَ، أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ فِي زَمَانِ الْهَرَمِ، سواء بصائركم وبصائر العجم، لا علم عندكم ولا فهم، وينشو من عقبكم ذوو فهم، يطلبون أنواع العلم، فيكسرون الصنم، ويبلغون الروم، ويقتلون العجم، يطلبون الغنم، قالو ايا سَطِيحُ فَمِنْ يَكُونُ أُولَئِكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: وَالْبَيْتِ ذي الأركان، والأمن والسكان لينشؤون مِنْ عَقِبِكُمْ وِلْدَانٌ يَكْسِرُونَ الْأَوْثَانَ، وَيُنْكِرُونَ عِبَادَةَ الشَّيْطَانِ، وَيُوَحِّدُونَ الرَّحْمَنَ، وَيَنْشُرُونَ دِينَ الدَّيَّانِ، يُشْرِفُونَ البنيان، ويستفتون الفتيان، قالوا ياسطيح مِنْ نَسْلِ مَنْ يَكُونُ أُولَئِكَ؟ قَالَ: وَأَشْرَفِ الأشراف، والمفضي للأشراف، والمزعزع الأحقاف، والمضعف الاضعاف، لينشؤون الْآلَافُ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَعَبْدِ مَنَافٍ، نُشُوءًا يكون فيه اختلاف.

قالوا يا سوأتاه يا سطيح مما تُخْبِرُنَا مِنَ الْعِلْمِ بِأَمْرِهِمْ وَمِنْ أَيِّ بَلَدٍ يَخْرُجُ أُولَئِكَ؟ فَقَالَ وَالْبَاقِي الْأَبَدْ، وَالْبَالِغِ الْأَمَدْ، لَيَخْرُجَنَّ مَنْ ذَا الْبَلَدْ، فَتًى يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ، يَرْفُضُ يَغُوثَ وَالْفِنَدْ، يَبْرَأُ مِنْ عِبَادَةِ الضدد، يعبد ربا انفرد، ثم


(١) الوضم: شرائح من جريد النخل.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>