للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولي نظر الدواوين بدمشق، ودفن بتربته عند اللبودية (١).

[الشيخ علي البكاء]

صاحب الزاوية بالقرب من بلد الخليل ، كان مشهورا بالصلاح والعبادة والاطعام لمن اجتاز به من المارة والزوار، وكان الملك المنصور قلاوون يثني عليه ويقول: اجتمعت به وهو أمير وأنه كاشفه في أشياء وقعت جميعها، ومن جملتها أنه سيملك. نقل ذلك قطب الدين اليونيني، وذكر أن سبب بكائه الكثير أنه صحب رجلا كانت له أحوال وكرامات، وأنه خرج معه من بغداد فانتهوا في ساعة واحدة إلى بلدة بينها وبين بغداد مسيرة سنة، وأن ذلك الرجل قال له إني سأموت في الوقت الفلاني، فأشهدني في ذلك الوقت في البلد الفلاني. قال: فلما كان ذلك الوقت حضرت عنده وهو في السياق، وقد استدار إلى جهة الشرق فحولته إلى القبلة فاستدار إلى الشرق فحولته أيضا ففتح عينيه وقال: لا تتعب فإني لا أموت إلا على هذه الجهة، وجعل يتكلم بكلام الرهبان حتى مات فحملناه فجئنا به إلى دير هناك فوجدناهم في حزن عظيم، فقلنا لهم: ما شأنكم؟ فقالوا كان عندنا شيخ كبير ابن مائة سنة، فلما كان اليوم مات على الاسلام، فقلنا لهم: خذوا هذا بدله وسلمونا صاحبنا، قال فوليناه فغسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه مع المسلمين، وولوا هم ذلك الرجل فدفنوه في مقبرة النصارى، نسأل الله حسن الخاتمة. مات الشيخ علي في رجب من هذه السنة.

[ثم دخلت سنة إحدى وسبعين وستمائة]

في خامس المحرم وصل الظاهر دمشق من بلاد السواحل التي فتحها وقد مهدها، وركب في أواخر (٢) المحرم إلى القاهرة فأقام بها سنة (٣) ثم عاد فدخل دمشق في رابع (٤) صفر، وفي المحرم منها وصل صاحب النوبة إلى عيذاب (٥) فنهب تجارها وقتل خلقا من أهلها، منهم الوالي


(١) ولد سنة ٦٠٧ هـ وتوفي في العشر الأوسط من ذي الحجة بدمشق (تاريخ الملك الظاهر ٢/ ٢٣).
(٢) في الروض الزاهر ص ٤٠٣: السادس من المحرم. وفي القطب اليونيني ٣/ ١ وتاريخ الملك الظاهر ٢/ ٢٦: يوم الأحد سابع عشر المحرم.
(٣) كذا بالأصل وهو تصحيف، لأنه لم يبق في الديار المصرية إلا أياما من شهر محرم، فقد عاد من مصر ليلة تاسع وعشرين من المحرم (اليونيني ٣/ ١ الروض الزاهر ص ٤٠٤ تاريخ الملك الظاهر ٢/ ٢٧، وفي السلوك ١/ ٦٠٥ تاسع عشره. وفي المفضل: سابع وعشرين).
(٤) في الروض الزاهر ص ٤٠٤ وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٣١٥: ثالث صفر.
(٥) كان مرفأ هاما على بحر القلزم (الأحمر) في صحراء قفر، وكان مرسى المراكب التي تأتيه من اليمن والحبشة والهند، كما كان يقصده الحجاج الذين يتوجهون من مصر إلى جدة. وعيذاب الآن مندثرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>