للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاسلام من هرمز، فخرج إليه خالد ودعاه إلى البراز فبرز له فقتله خالد وكتب يخبره إلى الصديق فنفله سلبه فبلغت قلنسوة هرمز مائة ألف درهم، وكانت الفرس إذا شرف فيها الرجل جعلت قلنسوته بمائة ألف درهم، قال: ثم قفلنا على طريق الطف إلى الحيرة فأول من تلقانا حين دخلناها الشيماء بنت نفيلة كما قال رسول الله على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود، فتعلقت بها وقلت هذه وهبها لي رسول الله، فدعاني خالد عليها بالبينة فأتيته بها، وكانت البينة محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاري فسلمها إلي، فنزل إلي أخوها عبد المسيح يريد الصلح فقال بعنيها، فقلت لا أنقصها والله عن عشرة مائة درهم، فأعطاني ألف درهم وسلمتها إليه، فقيل لو قلت مائة ألف لدفعها إليك، فقلت: ما كنت أحسب أن عددا أكثر من عشر مائة (١).

قدوم وفد ثقيف على رسول الله في رمضان من سنة تسع

تقدم أن رسول الله لما ارتحل عن ثقيف سئل أن يدعو عليهم فدعا لهم بالهداية، وقد تقدم أن رسول الله حين أسلم مالك بن عوف النضري أنعم عليه وأعطاه وجعله أميرا على من أسلم من قومه، فكان يغزو بلاد ثقيف ويضيق عليهم حتى ألجأهم إلى الدخول في الاسلام، وتقدم أيضا فيما رواه أبو داود عن صخر بن العيلة الأحمسي أنه لم يزل بثقيف حتى أنزلهم من حصنهم على حكم رسول الله ، فأقبل بهم إلى المدينة النبوية بإذن رسول الله له في ذلك. وقال ابن إسحاق: وقدم رسول الله المدينة من تبوك في رمضان، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد من ثقيف، وكان من حديثهم أن رسول الله لما انصرف عنهم. اتبع أثره عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة، فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالاسلام، فقال له رسول الله - كما يتحدث قومه - " إنهم قاتلوك " وعرف رسول الله أن فيهم نخوة الامتناع للذي كان منهم، فقال عروة: يا رسول الله، أنا أحب إليهم من أبكارهم، وكان فيهم كذلك محببا مطاعا، فخرج يدعو قومه إلى الاسلام رجاء أن لا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف على عيلة له، وقد دعاهم إلى الاسلام وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله، فتزعم بنو مالك أنه قتله رجل منهم يقال له أوس بن عوف (٢) أخو بني سالم بن مالك، ويزعم الاحلاف أنه قتله رجل منهم من بني عتاب يقال له وهب بن جابر، فقيل لعروة: ما ترى في دينك (٣)؟ قال كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم، فدفنوه معهم فزعموا أن


(١) الخبر في دلائل النبوة ج ٥/ ٢٨.
(٢) زاد الواقدي: وهو الا ثبت عندنا.
(٣) في ابن هشام: ما ترى في دمك.

<<  <  ج: ص:  >  >>