للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن وسبوا من أنزله ومن جاء به، قال فقال الله تعالى لنبيه محمد : (ولا تجهر بصلاتك) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن (ولا تخافت بها) عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك (وابتغ بين ذلك سبيلا) وهكذا رواه صاحبا الصحيح من حديث أبي بشر جعفر بن أبي حية به (١).

وقال محمد بن إسحاق (٢): حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله إذا جهر بالقرآن - وهو يصلي - تفرقوا عنه وأبوا أن يستمعوا منه، وكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله بعض ما يتلو، وهو يصلي، استرق السمع، دونهم فرقا منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم فلم يستمع، فإن خفض رسول الله لم يسمع الذين يستمعون من قراءته شيئا، فأنزل الله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك) فيتفرقوا عنك (ولا تخافت بها) فلا يسمع من أراد أن يسمعها ممن يسترق ذلك، لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع، فينتفع به (وابتغ بين ذلك سبيلا).

[باب هجرة أصحاب رسول الله، من مكة إلى أرض الحبشة]

قد تقدم ذكر أذية المشركين للمستضعفين من المؤمنين، وما كانوا يعاملونهم به من الضرب الشديد. والإهانة البالغة. وكان الله ﷿ قد حجرهم عن رسوله ، ومنعه بعمه أبي طالب، كما تقدم تفصيله ولله الحمد والمنة. وروى الواقدي أن خروجهم إليها في رجب سنة خمس من البعثة (٣)، وأن أول من هاجر منهم أحد عشر رجلا وأربع نسوة، وأنهم انتهوا إلى البحر ما بين ماش وراكب فاستأجروا سفينة بنصف دينار إلى الحبشة. وهم عثمان بن عفان، وامرأته رقية بنت رسول الله وأبو حذيفة بن عتبة، وامرأته سهلة بنت سهيل، والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة العنزي، وامرأته ليلى بنت أبي حثمة، وأبو سبرة بن أبي رهم، وحاطب بن عمرو (٤)، وسهيل بن بيضاء، وعبد الله بن مسعود،


(١) مسند أحمد ج ١/ ٢٣، ٢١٥.
(٢) سيرة ابن هشام ج ١/ ٣٣٥.
(٣) نقل البيهقي في الدلائل قال: وأما الهجرة الثانية وهي فيما زعم الواقدي سنة خمس من مبعث النبي ٢/ ٢٩٧. ووافق الطبري الواقدي في أن مخرجهم في الهجرة الأولى كان في رجب في السنة الخامسة من حين نبئ رسول الله ، ٢/ ٢٢١ دار القاموس الحديث. ويرى البيهقي أن الهجرة الأولى اقتصرت على عثمان بن عفان وامرأته رقية بنت رسول الله راجع الدلائل ج ٢/ ٢٩٧.
(٤) كذا في الطبري، وفي ابن هشام: يقال: أبو حاطب بن عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>