في ذلك الحافظ محمد بن أحمد بن المفيد، ورواها عنه، ولكن كان المفيد متهما بالتشيع، فمسح له بذلك لانتسابه إلى علي، وأما جمهور المحدثين قديما وحديثا فكذبوه في ذلك، وردوا عليه كذبه، ونصوا على أن النسخة التي رواها موضوعة ومنهم أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأشياخنا الذين أدركناهم: جهبذ الوقت شيخ الاسلام أبو العباس ابن تيمية، والجهبذ أبو الحجاج المزي، الحافظ مؤرخ الاسلام أبو عبد الله الذهبي، وقد حررت ذلك في كتابي التكميل ولله الحمد والمنة. قال المفيد: بلغني أن الأشج هذا مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وهو راجع إلى بلده والله أعلم.
[محمد بن جعفر بن محمد بن سهل]
أبو بكر الخرائطي، صاحب المصنفات، أصله من أهل سر من رأى، وسكن الشام وحدث بها عن الحسن بن عرفة وغيره.
وممن توفي فيها الحافظ الكبير ابن الحافظ الكبير أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي صاحب كتاب الجرح والتعديل، وهو من أجل الكتب المصنفة في هذا الشأن، وله التفسير الحافل الذي اشتمل على النقل الكامل، الذي يربو فيه على تفسير ابن جرير الطبري وغيره من المفسرين، إلى زماننا، وله كتاب العلل المصنفة المرتبة على أبواب الفقه، وغير ذلك من المصنفات النافعة، وكان من العبادة والزهادة والورع والحفظ والكرامات الكثيرة المشهورة على جانب كبير، ﵀. وقد صلى مرة فلما سلم قال له رجل من بعض من صلى معه: لقد أطلت بنا، ولقد سبحت في سجودي سبعين مرة. فقال عبد الرحمن: لكني والله ما سبحت إلا ثلاثا، وقد انهدم سور بلد في بعض بلاد الثغور فقال عبد الرحمن بن أبي حاتم للناس: أما تبنوه؟ وقد حثهم على عمارته. فرأى عندهم تأخرا. فقال: من يبنيه وأضمن له على الله الجنة؟ فقام رجل من التجار فقال: اكتب لي خطك بهذا الضمان وهذه ألف دينار لعمارته. فكتب له رقعة بذلك، فعمر ذلك السور ثم اتفق موت ذلك الرجل التاجر عما قريب، فلما حضر الناس جنازته طارت من كفنه رقعة فإذا هي التي كانت كتبها له ابن أبي حاتم وإذا في ظهرها مكتوب: قد أمضينا لك هذا الضمان ولا تعد إلى ذلك. والله سبحانه أعلم.
[ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة]
قال ابن الجوزي في منتظمه: في غرة المحرم منها ظهرت في الجو حمرة شديدة في ناحية الشمال والمغرب، وفيها أعمدة بيض عظيمة كثيرة العدد. وفيها وصل الخبر بأن ركن الدولة أبا علي الحسن بن بويه وصل إلى واسط فركب الخليفة وبجكم إلى حربه فخاف فانصرف راجعا إلى الأهواز ورجعا إلى بغداد. وفيها ملك ركن الدولة بن بويه مدينة أصبهان، أخذها من وشمكير أخي