للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَلِكَ لَمَّا نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمس صلُّوها بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهار وَلَمْ يُرَدَّ لَهُمُ اللَّيل، فَمَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وجل ليعطي عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ شَيْئًا مِنَ الْفَضَائِلِ لَمْ يُعْطِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَأَصْحَابُهُ.

وَأَمَّا نَظْمُ الْحِمْيَرِيِّ فَلَيْسَ [فِيهِ] حُجَّةٌ بَلْ هو كهذيان بن الْمُطَهَّرِ هَذَا لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ مِنَ النَّثْرِ وَهَذَا لَا يَدْرِي صِحَّةَ مَا يَنْظِمُ بَلْ كِلَاهُمَا كَمَا قَالَ الشَّاعر: إنْ كنتُ أَدْرِي فعَلى بدنَهْ * مِنْ كثرةِ التخليطِ أَني مَنْ أنَهْ وَالْمَشْهُورُ عَنْ عَلِيٍّ فِي أَرْضِ بَابِلَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَلِيٍّ: أنَّه مرَّ بِأَرْضِ بَابِلَ وَقَدْ حَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى جَاوَزَهَا، وَقَالَ: نَهَانِي خَلِيلِي صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أصلِّي بِأَرْضِ بَابِلَ فإنَّها مَلْعُونَةٌ.

وَقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ مُبْطِلًا لردِّ الشَّمس عَلَى عَلِيٍّ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ رَادًّا عَلَى مَنِ ادَّعَى بَاطِلًا مِنَ الْأَمْرِ فَقَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنِ ادَّعى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا لِفَاضِلٍ وَبَيْنَ دَعْوَى الرَّافضة ردَّ الشَّمس عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَرَّتَيْنِ حَتَّى ادَّعى بَعْضُهُمْ أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَوْسٍ قَالَ:

فَرُدَّتْ عَلينا الشَّمس واللَّيلُ رَاغمٌ * بشَمسٍ لهمْ مِن جانبِ الخدرِ تَطلعِ نَضَا ضَوءهَا صبغَ الدجنةِ وانطوى * لبهْجتهَا نورُ السَّماءِ المرجعُ (١) فو الله مَا أدرِي عَلِيٌّ بَدا لَنا فَردَّتْ * لهُ أمْ كانَ فِي القَومِ يوشَعُ هَكَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ، وَهَذَا الشِّعْرُ تَظْهَرُ عَلَيْهِ الرِّكة وَالتَّرْكِيبُ وأنَّه مَصْنُوعٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْآيَاتِ السَّماوية فِي بَابِ دَلَائِلِ النبُّوة، استسقاؤه عليه السَّلام ربَّه [عزَّ وَجَلَّ] لِأُمَّتِهِ حِينَ تَأَخَّرَ الْمَطَرُ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَالِهِ سَرِيعًا بِحَيْثُ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ إِلَّا وَالْمَطَرُ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ عليه السَّلام وَكَذَلِكَ اسْتِصْحَاؤُهُ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ: وأبيضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ * ثِمَالَ الْيَتَامَى عصمةٍ للأرامِلِ (٢) قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَبُو عَقِيلٍ الثَّقفي عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ: ثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ ربمَّا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعر وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ.

وأبيضُ يُستسقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ * ثِمَالَ الْيَتَامَى عصمةٍ لِلْأَرَامِلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ * تفرَّد به البخاري وهذا الَّذِي علَّقه قَدْ أَسْنَدَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سننه فرواه


(١) نضا اللون: تغير، والمراد هنا أن ضوءها أزال ظلمة الدجنة.
(٢) ثمال اليتامى: مغيثهم والقائم بأمرهم وتدبير شؤونهم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>