وفوض المستظهر أمور الخلافة إلى وزيره أبي منصور عميد الدولة بن جهير، فدبرها أحسن تدبير، ومهد الأمور أتم تمهيد، وساس الرعايا، وكان من خيار الوزراء. وفي ثالث عشر شعبان عزل الخليفة أبا بكر الشاشي عن القضاء، وفوضه إلى أبي الحسن بن الدامغاني. وفيها وقعت فتنة بين السنة والروافض فأحرقت محال كثيرة، وقتل ناس كثير، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ولم يحج أحد لاختلاف السلاطين. وكانت الخطبة للسلطان بركيارق ركن الدولة يوم الجمعة الرابع عشر من المحرم وهو اليوم الذي توفي فيه الخليفة المقتدي بعد ما علم على توقيعه.
وممن توفي فيها من الأعيان …
[اقسنقر الاتابك]
الملقب قسيم الدولة السلجوقي، ويعرف بالحاجب، صاحب حلب وديار بكر والجزيرة. وهو جد الملك نور الدين الشهيد بن زنكي بن أقسنقر، كان أولا من أخص أصحاب السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي، ثم ترقت منزلته عنده حتى أعطاه حلب وأعمالها بإشارة الوزير نظام الملك وكان من أحسن الملوك سيرة وأجودهم سريرة، وكانت الرعية معه في أمن ورخص وعدل، ثم كان موته على يد السلطان تاج الدولة تتش صاحب دمشق، وذلك أنه استعان به وبصاحب حران والرها على قتال ابن أخيه بركيارق بن ملكشاه، ففرا عنه وتركاه، فهرب إلى دمشق، فلما تمكن ورجعا قاتلهما بباب حلب فقتلهما وأخذ بلادهما إلا حلب فإنها استقرت لولد آقسنقر وزنكي فيما بعد، وذلك في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة كما سيأتي بيانه. وذكر ابن خلكان أنه كان مملوكا للسلطان ملكشاه، هو وبوزان صاحب الرها، فلما ملك تتش حلب استنابه بها فعصى عليه فقصده وكان قد مك دمشق أيضا فقاتله فقتله في هذه السنة في جمادى الأولى منها، فلما قتل دفنه ولده عماد الدين زنكي، وهو أبو نور الدين، فقبره بحلب أدخله ولده إليها من فوق الصور، فدفنه بها.
[أمير الجيوش بدر الجمالي]
صاحب جيوش مصر ومدبر الممالك الفاطمية، كان عاقلا كريما محبا للعلماء، ولهم عليه رسوم دارة تمكن في أيام المستنصر تمكنا عظيما، ودارت أزمة الأمور على آرائه، وفتح بلادا كثيرة، وامتدت أيامه وبعد صيته وامتدحته الشعراء. ثم كانت وفاته في ذي القعدة منها، وقام بالامر من بعده ولده الأفضل.