للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابه وأخذوا من زوجته خمسمائة ألف دينار، وجواهر نفيسة. قال ابن الجوزي: وظهر في هذه السنة صبية عمياء تتكلم على أسرار الناس، وما في نفوسهم من الضمائر والنيات، وبالغ الناس في أنواع الحيل عليها ليعلموا حالها فلم يعلموا. قال ابن عقيل: وأشكل أمرها على العلماء والخواص والعوام، حتى سألوها عن نقوش الخواتم المقلوبة الصعبة، وعن أنواع الفصوص وصفات الأشخاص وما في داخل البنادق من المشمع والطين المختلف، والخرق وغير ذلك فتخبر به سواء بسواء، حتى بالغ أحدهم ووضع يده على ذكره وسألها عن ذلك فقالت: يحمله إلى أهله وعياله. وفيها قدم القاضي فخر الملك أبو عبيد علي (١) صاحب طرابلس إلى بغداد يستنفر المسلمين على الفرنج، فأكرمه السلطان غياث الدين محمد إكراما زائدا، وخلع عليه وبعث معه الجيوش الكثيرة لقتال الفرنج.

وممن توفي فهيا من الأعيان ..

[تميم بن المعز بن باديس]

صاحب إفريقية، كان من خيار الملوك حلما وكرما، وإحسانا، ملك ستا وأربعين سنة (٢).

وعمر تسعا وتسعين (٣) سنة، وترك من البنين أنهد من مائة، ومن البنات ستين بنتا، وملك من بعده ولده يحيى، ومن أحسن ما مدح به الأمير تميم قول الشاعر:

أصح وأعلى ما سمعناه في الندا … من الخبر المروي منذ قديم

أحاديث ترويها السيول عن الحيا … عن البحر عن كف الأمير تميم

[صدقة بن منصور]

ابن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، الأمير سيف الدولة، صاحب الحلة وتكريت وواسط وغيرها، كان كريما عفيفا ذا ذمام، ملجأ لكل خائف يأمن في بلاده، وتحت جناحه، وكان يقرأ الكتب المشكلة ولا يحسن الكتابة، وقد اقتنى كتبا نفيسة جدا، وكان لا يتزوج على امرأة قط، ولا يتسرى على سرية حفظا للذمام، ولئلا يكسر قلب أحد، وقد مدح بأوصاف جميلة كثيرة جدا. قتل في بعض الحروب، قتله غلام اسمه برغش، وكان له من العمر تسع وخمسون سنة رحمه الله تعالى.


(١) ذكره أبو الفداء في مختصره: أبو علي بن عمار، فخر الملك (وانظر الكامل ١٠/ ٤٥٢).
(٢) زيد في الكامل ١٠/ ٤٥١: وعشرة أشهر وعشرين يوما. وفي البيان المغرب ١/ ٣٠٣: نحو سبع وأربعين سنة وفي ٣٠٤: ست وأربعين سنة وعشرة أشهر ونصفا.
(٣) في الكامل ١٠/ ٤٥١: وسبعين. انظر البيان المغرب ١/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>