للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لكن في سياق ابن عباس ما يدل على أن قدوم وفد عبد القيس كان قبل فتح مكة لقولهم وبيننا وبينك هذا الحي من مضر لا نصل إليك إلا في شهر حرام. والله أعلم.

[قصه ثمامة ووفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب]

قال البخاري: باب وفد بني حنيفة وقصة ثمامة بن أثال: حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث بن سعد، حدثني سعيد بن أبي سعيد سمع أبا هريرة قال: بعث النبي خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي فقال: " ما عندك يا ثمامة "؟ قال عندي خير، يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم. وان تنعم تنعم على شاكر، وان كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فتركه حتى كان الغد، ثم قال له: " ما عندك يا ثمامة)؟ فقال: عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى بعد الغد فقال: " ما عندك يا ثمامة "؟ فقال عندي ما قلت لك. فقال: " أطلقوا ثمامة " فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك بأحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل أصبوت؟ قال: لا! ولكن أسلمت مع محمد ولا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي (١). وقد رواه البخاري في في موضع آخر ومسلم وأبو داود والنسائي كلهم عن قتيبة عن الليث به. وفي ذكر البخاري هذه القصة في الوفود نظر وذلك أن ثمامة لم يفد بنفسه، وإنما أسر وقدم به في الوثاق فربط بسارية من سواري المسجد ثم في ذكره مع الوفود سنه تسع نظر آخر. وذلك أن الظاهر من سياق قصته أنها قبيل الفتح لان أهل مكة عيروه بالاسلام وقالوا أصبوت فتوعدهم بأنه لا يفد إليهم من اليمامة حبة حنطة ميرة حتى يأذن فيها رسول الله ، فدل على أن مكة كانت إذ ذاك دار حرب، لم يسلم أهلها بعد والله أعلم، ولهذا ذكر الحافظ البيهقي قصة ثمامة بن أثال قبل فتح مكة وهو أشبه ولكن ذكرناه هاهنا اتباعا للبخاري . وقال البخاري: حدثنا أبو اليمان، ثنا شعيب، عن عبد الله بن أبي حسين، ثنا نافع بن جبير عن ابن عباس: قال: قدم مسيلمة الكذاب (٢) على عهد رسول الله فجعل القول: إن جعل لي محمد


(١) أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٧٠) باب الحديث (٤٣٧٢).
(٢) مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب بن الحرث من بني حنيفة، قال ابن إسحاق: ادعى النبوة ستة عشر، كنيته أبو ثمامة. وقيل إن مسيلمة لقب واسمه ثمامة. قال ابن حجر: إن كان هذا محفوظا فيكون ممن توافقت كنيته واسمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>