للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي * مُغَلْغَلَةً فَقَدْ بَرِحَ الْخَفَاءُ هَجَوْتَ مُحَمَّدًا وَأَجَبْتُ عَنْهُ * وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ * فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ وَلَمَّا جَاءَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ لِيُسْلِمَا لَمْ يأذن لهما عليه السلام حَتَّى شَفَعَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِأَخِيهَا فَأَذِنَ لَهُ، وَبَلَغَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ هَذَا قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يَأْذَنْ لِي لَآخُذَنَّ بِيَدِ بُنَيَّ هَذَا - لِوَلَدٍ مَعَهُ صَغِيرٍ - فَلَأَذْهَبَنَّ فَلَا يُدْرَى أَيْنَ أَذْهَبُ.

فَرَقَّ حِينَئِذٍ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَذِنَ لَهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَكَانَ آخِذًا بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ يومئذٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّهُ وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَقَالَ " أَرْجُو أَنْ تَكُونَ خَلَفًا مِنْ حَمْزَةَ " وَقَدْ رَثَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ بِقَصِيدَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا سَلَفَ وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: أَرِقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لَا يَزُولُ * وليل أخ الْمُصِيبَةِ فِيهِ طُولُ وَأَسْعَدَنِي الْبُكَاءُ وَذَاكَ فِيمَا * أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ قَلِيلُ فَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُنَا وَجَلَّتْ * عَشِيَّةَ قِيلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسُولُ فَقَدْنَا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ فينَا * يروحُ بهِ وَيَغْدُوُ جِبْرَئِيلُ

ذَكَرُوا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ حَجَّ فَلَمَّا حَلَقَ رأسه فطع الحالق ثؤلولا له فِي رَأْسِهِ فَتَمَرَّضَ مِنْهُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حتى مات بعد مرجعه إلى المدينة، وصل عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.

وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَخَاهُ نَوْفَلًا تُوُفِّيَ قَبْلَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ هُوَ مَالِكُ بن مالك بن عسل (١) بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَمِ بْنِ عَامِرِ بن دعوراً (٢) بْنِ جُشَمَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ، شَهِدَ الْعَقَبَةَ نَقِيبًا، وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا، وَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَقِيلَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ إِنَّهُ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ (٣) .

وَقَدْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا هُنَا.

فالله أعلم.


(١) في الاصابة عتيك، وقد سقط من نسبه في الإستيعاب.
(٢) في الاصابة والاستيعاب: زعورا.
(٣) وقد رجحه ابن عبد البر في الاستيعاب، وقد شكك الواقدي وابن حجر في هذا القول وذهبا إلى ترجيح قول من قال سنة عشرين أو احدى وعشرين.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>