للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك الأتابك زنكي بن آقسنقر مَدِينَةَ حَلَبَ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْبِلَادِ.

وَفِيهَا مَلَكَ تَاجُ الْمُلُوكِ بُورَى بْنُ طُغْتِكِينَ مَدِينَةَ دِمَشْقَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ من مماليك أَلْبِ أَرْسَلَانَ، وَكَانَ عَاقِلًا حَازِمًا عَادِلًا خَيِّرًا، كثير الجهاد في الفرنج رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَفِيهَا عُمِلَ بِبَغْدَادَ مُصَلًّى لِلْعِيدِ ظاهر باب الحلية، وَحُوِّطَ عَلَيْهِ، وَجُعِلَ فِيهِ قِبْلَةٌ.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ قطز الخادم المتقدم ذكره وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ..الْحَسَنُ بْنُ علي بن صدقة أبو علي وزير الخليفة الْمُسْتَرْشِدِ (١) ، تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا.

وَمِنْ شِعْرِهِ الذي أورد له ابن الجوزي وقد بالغ في مدح الخليفة فيه وأخطأ: وَجَدْتُ الْوَرَى كَالْمَاءِ طَعْمًا وَرِقَّةً * وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ زُلَالُهُ وَصَوَّرْتُ مَعْنَى الْعَقْلِ شَخْصًا مُصَوَّرًا * وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِثَالُهُ فَلَوْلَا مَكَانُ الشَّرْعِ وَالدِّينِ وَالتُّقَى * لَقُلْتُ مِنَ الْإِعْظَامِ جَلَّ جَلَالُهُ الحسين بن علي ابن أبي القاسم اللامتني (٢) ، مِنْ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ، رَوَى الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْمُنَاظَرَةِ، وَكَانَ خَيِّرًا دَيِّنًا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، مُطَّرِحًا لِلتَّكَلُّفِ أَمَّارًا بِالْمَعْرُوفِ.

قَدِمَ مِنْ عِنْدِ الْخَاقَانِ مَلِكِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ فِي رِسَالَةٍ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَحُجُّ عَامَكَ هَذَا؟ فَقَالَ: لَا أَجْعَلُ الْحَجَّ تَبَعًا لِرِسَالَتِهِمْ، فَعَادَ إِلَى بَلَدِهِ فَمَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ.

طُغْتِكِينُ الأتابك صاحب دمشق التركي، أحد غلمان تتش، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ وَأَعْدَلِهِمْ وَأَكْثَرِهِمْ جِهَادًا للفرنج، وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ تَاجُ الْمُلُوكِ بُورَى.


(١) قال الفخري ص ٣٠٤: استوزره المسترشد سنة ٥١٣ هـ ولقبه بجلال الدين سيد الوزراء صدر الشرق والغرب
ظهير أمير المؤمنين، كان من أفاضل وزرائه، عالما بقوانين الرياسة خيرا.
ثم إن المسترشد قبض عليه وعزله عن الوزارة، وليم يكن ذلك عن إرادة من المسترشد، وإنما دعته الضرورة لان وزير السلطان كان يتعصب عليه، ثم وقع الرضى عليه وأعيد إلى الوزارة وكان يوماً مشهوداً..ولم يزل في علو قدر إلى أن توفي.
(٢) في تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٧٢: اللامشي ; السمرقندي الحنفي، عالم ما وراء النهر.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>