للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معتمراً، وقد كان عهد قريش أن قُرَيْشًا لَا يَعْرِضُونَ لِأَحَدٍ جَاءَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا إِلَّا بِخَيْرٍ، فَعَدَا عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِمَكَّةَ فَحَبَسَهُ بِابْنِهِ عَمْرٍو وَقَالَ فِي ذَلِكَ: أَرَهْطَ ابْنِ أكَّالٍ أَجِيبُوا دُعَاءَهُ * تَعَاقَدْتُمُ لَا تُسْلِمُوا السَّيِّدَ الْكَهْلَا فَإِنَّ بَنِي عمرو لئام أذلة * لئن لم يكفوا عَنْ أَسِيرِهِمُ الْكَبْلَا

قَالَ: فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ: لَوْ كَانَ سَعْدٌ يَوْمَ مَكَّةَ مُطْلَقًا * لَأَكْثَرَ فِيكُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ الْقَتْلَا بعضب حسام أو بصفراء نبعة * نحن إِذَا مَا أُنْبِضَتْ تَحْفِزُ النَّبْلَا (١) قَالَ وَمَشَى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَيَفُكُّوا بِهِ صَاحِبَهُمْ فَأَعْطَاهُمُ النَّبِيُّ (٢) فَبَعَثُوا بِهِ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ فَخَلَّى سَبِيلَ سَعْدٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ فِي الْأُسَارَى أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ أُمَيَّةَ خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوْجُ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ الَّذِي أَسَرَهُ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ أَحَدُ بَنِي حَرَامٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ مِنْ رِجَالِ مَكَّةَ الْمَعْدُودِينَ مَالًا وَأَمَانَةً وَتِجَارَةً، وَكَانَتْ أُمُّهُ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، وَكَانَتْ خَدِيجَةُ هِيَ الَّتِي سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِابْنَتِهَا زَيْنَبَ وَكَانَ لَا يُخَالِفُهَا وَذَلِكَ قَبْلَ الْوَحْيِ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ رُقَيَّةَ - أَوْ أُمَّ كُلْثُومٍ (٣) مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْوَحْيُ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: اشْغَلُوا مُحَمَّدًا بِنَفْسِهِ، وَأَمَرَ ابْنَهُ عُتْبَةَ فَطَلَّقَ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فتزوَّجها عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ومشوا إلى أبي العاص فقالوا فَارِقْ صَاحِبَتَكَ وَنَحْنُ نُزَوِّجُكَ بِأَيِّ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ شِئْتَ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِذًا (٤) لَا أُفَارِقُ صَاحِبَتِي وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِامْرَأَتِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يُثْنِي عَلَيْهِ فِي صِهْرِهِ [خيراً] (٥) فِيمَا بَلَغَنِي.

قُلْتُ: الْحَدِيثُ بِذَلِكَ فِي الثَّنَاءِ عليه في


(١) نبعة من النبع والنبع: شجر يصنع منه القسي.
(٢) قال الواقدي: أن عمرو بن أبي سفيان صار في سهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقرعة.
(٣) قال السهيلي: كانت رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت عتبة بن أبي لهب، وأم كلثوم تحت عتيبة.
فطلقاهما بعزم أبيهما عليهما وأمهما حين نزلت تَبَّتْ يَدَا أَبِي لهب.
طلقاهما قبل الدخول بهما.
أسلمت رقية وأم كلثوم بعدما بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياة أمهما خديجة، وتزوج عثمان رقية وهاجرا إلى الحبشة، وهاجرت أم كلثوم إلى المدينة مع عيال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا توفيت رقية خلف عثمان بن عفان على أم كلثوم وكانت بكرا، ولم تزل عنده حتَّى توفيت ولم تلد له شيئا.
(الطبقات ج
٨ / ٣٦ - ٣٨ الروض الآنف) .
(٤) في نسخة لابن هشام: إني.
(٥) من ابن هشام.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>