للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهيب بن منبه اليماني تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِكُتُبِ الْأَوَائِلِ، وَهُوَ يشبه كعب الأحبار، وله صَلَاحٌ وَعِبَادَةٌ، وَيُرْوَى عَنْهُ أَقْوَالٌ حَسَنَةٌ وَحِكَمٌ وَمَوَاعِظُ، وَقَدْ بَسَطْنَا تَرْجَمَتَهُ فِي كِتَابِنَا التَّكْمِيلِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوفِّيَ بِصَنْعَاءَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَعْدَهَا بِسَنَةٍ، وَقِيلَ بِأَكْثَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَزْعُمُ بَعْضُ النَّاس أَنَّ قبره غربي بُصْرَى بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا عُصْمٌ (١) ، وَلَمْ أَجِدْ لذلك أصلاً، والله أعلم انتهى ما ذكره المؤلف.

فصل أدرك وهب بن منبه عدة من الصحابة، وأسند عن ابن عباس وجابر والنعمان بن بشير.

وروى عن معاذ بن جبل وأبي هريرة، وعن طاوس.

وعنه من التابعين عدة (٢) .

وقال وهب: مثل من تعلم علماً لا يعمل به كمثل طبيب معه شفاء لا يتداوى به.

وعن منير مولى الفضل بن أبي عياش قال: كنت جالساً مع وهب بن منبه فأتاه رجل فقال له: إني مررت بفلان وهو يشتمك، فغضب وقال: ما وجد الشيطان رسولاً غيرك؟ فما برحت من عنده حتى جاءه ذلك الشاتم فسلم على وهب فردَّ عليه السَّلام، ومد يده إليه وصافحه وأجلسه إلى جنبه.

وقال ابن طاوس: سمعت وهباً يقول: ابن آدم احتل لدينك فإن رزقك سيأتيك.

وقال وهب: كسي أهل النار والعرى كان خيراً لهم، وطعموا والجوع كان خيراً لهم، وأعطوا الحياة والموت كان خيراً لهم.

وقال داود عليه السلام: اللهم أيما فقير سأل غنياً فتصامَّ عنه، فأسالك إذا دعاك فلا تجبه، وإذا سألك فلا تعطه.

وقال: قرأت في بعض كتب الله: ابن آدم، لَا خَيْرَ لَكَ فِي أَنْ تَعْلَمَ مَا لم تعلم، ولم تعمل بما قد علمت،

فإن مثلك كمثل رجل احتطب حطباً فحزم حزمةً فذهب يَحْمِلَهَا فَعَجَزَ عَنْهَا فَضَمَّ إِلَيْهَا أُخْرَى.

وَقَالَ: إن لله ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا منها عالم واحد، وما العمارة في الخراب إلا كفسطاط في الصحراء.

وروى الطبراني عنه أنه قال: إذا أردت أن تعمل بطاعة الله عزوجل فاجتهد في نصحك وعملك لله، فإن العمل لا يقبل ممن ليس بناصح، والنصح لله لا يكمل إلا بطاعة الله، كمثل الثمرة الطيبة ريحها وطعمها، كذلك مثل طاعة الله، النصح ريحها، والعمل طعمها، ثم زين طاعتك بالحلم والعقل، والفقه والعمل، ثم أكبر نفسك عن أخلاق السفهاء وعبيد الدنيا، وعبّدها على أخلاق الأنبياء والعلماء العاملين، وعوّدها فعل الحكماء، وامنعها عمل الأشقياء، وألزمها سيرة


(١) في طبقات ابن سعد ٥ / ٥٤٣: مات بصنعاء.
وانظر صفة الصفوة ٢ / ٢٩٦.
وابن خلكان ٦ / ٣٦.
(٢) منهم: عمرو بن دينار وأبان بن أبي عياش وموسى بن عقبة ووهب ابن اخيه عبد الصمد واسراءيل أبو موسى والسماك بن فضل وعوف الاعرابي.
(تذكرة الحفاظ ١ / ١٠١.
صفة الصفوة ٢ / ٢٩٦) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>