ويقال إنه دمشقي، تابعي جليل، روى عن مولاته أسماء بنت يزيد بن السكن وغيرها، وحدث عنه جماعة من التابعين وغيرهم، وكان عالما عابدا ناسكا، لكن تكلم فيه جماعة بسبب أخذه خريطة من بيت المال بغير إذن ولي الأمر، فعابوه وتركوه عرضة، وتركوا حديثه وأنشدوا فيه الشعر، منهم شعبة وغيره، ويقال إنه سرق غيرها فالله أعلم. وقد وثقه جماعات آخرون وقبلوا روايته وأثنوا عليه وعلى عبادته ودينه واجتهاده، وقالوا: لا يقدح في روايته ما أخذه من بيت المال إن صح عنه، وقد كان واليا عليه متصرفا فيه فالله أعلم. قال الواقدي: توفي شهر في هذه السنة - أعني سنة اثنتي عشرة ومائة وقيل قبلها بسنة وقيل سنة مائة فالله أعلم.
[ثم دخلت سنة ثلاث عشرة ومائة]
ففيها غزا معاوية بن هشام أرض الروم من ناحية مرعش، وفيها صار جماعة من دعاة بني العباس إلى خراسان وانتشروا فيها، وقد أخذ أميرهم رجلا منهم فقتله وتوعد غيره بمثل ذلك. وفيها وغل مسلمة بن عبد الملك في بلاد الترك فقتل منهم خلقا كثيرا، ودانت له تلك الممالك من ناحية بلنجر وأعمالها. وفيها حج بالناس إبراهيم بن هاشم المخزومي، فالله أعلم. ونواب البلاد هم المذكورون في التي قبلها. وممن توفي فيها من الأعيان قال ابن جرير: فيها كان مهلك.
[الأمير عبد الوهاب بن بخت]
وهو مع البطال عبد الله بأرض الروم قتل شهيدا وهذه ترجمته:
هو عبد الوهاب بن بخت أبو عبيدة ويقال أبو بكر، مولى آل مروان مكي، سكن الشام ثم تحول إلى المدينة، روى عن ابن عمر وأنس وأبي هريرة وجماعة من التابعين. وعنه خلق منهم أيوب ومالك بن أنس ويحيى بن سعيد الأنصاري وعبيد الله العمري، حديثه عن أنس مرفوعا " نضر الله امرأ سمع مقالتي هذه فوعاها ثم بلغها غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن صدر مؤمن، إخلاص العمل لله، ومناصحة أولي الامر، ولزوم جماعة المسلمين، كأن دعوتهم تحيط من ورائهم ". وروى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ. " إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة ثم لقيه فليسلم عليه ". وقد وثق عبد الوهاب هذا جماعات من أئمة العلماء. وقال مالك: كان كثير الحج والعمرة والغزو، حتى استشهد ولم يكن أحق بما في رحله من رفقائه، وكان سمحا جوادا، استشهد ببلاد الروم مع الأمير أبي محمد عبد الله البطال، ودفن هناك ﵀. توفي في هذه السنة قاله خليفة وغيره، وذلك أنه لقي العدو ففر بعض المسلمين، فجعل ينادي ويركض فرسه نحو العدو: أن هلموا إلى الجنة ويحكم