للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الشهر عاد الملك المسعود بن خَضِرُ بْنُ الظَّاهِرِ مِنْ بِلَادِ الْأَشْكَرِيِّ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ بَعْدَ أَنْ مَكَثَ هُنَاكَ مِنْ زَمَنِ الْأَشْرَفِ بْنِ الْمَنْصُورِ، وَتَلَقَّاهُ السُّلْطَانُ بِالْمَوْكِبِ وَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ.

وَحَجَّ الْأَمِيرُ خَضِرُ بْنُ الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَعَ الْمِصْرِيِّينَ وَكَانَ فِيهِمُ الْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ.

وَفِي شَهْرِ شَوَّالٍ جَلَسَ الْمُدَرِّسُونَ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِمِصْرَ وَهِيَ الْمَنْكُوتَمُرِيَّةُ دَاخِلَ بَابِ الْقَنْطَرَةِ.

وفيها دقت البشائر لأجل أخذ قلعتي حميمص ونجم مِنْ بِلَادِ سِيسَ.

وَفِيهَا وَصَلَتِ الْجَرِيدَةُ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ قَاصِدِينَ بِلَادَ سِيسَ مَدَدًا لِأَصْحَابِهِمْ، وهي نحو ثلاثة آلاف مقاتل، وَفِي مُنْتَصَفِ ذِي الْحِجَّةِ أُمْسِكَ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ الْحَمَوِيُّ الَّذِي كَانَ نَائِبَ الشَّامِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ.

وَفِيهَا قَلَّتِ الْمِيَاهُ بِدِمَشْقَ جِدًّا حَتَّى بَقِيَ ثَوْرًا فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ لَا يَصِلُ إِلَى رُكْبَةِ الْإِنْسَانِ، وَأَمَّا بَرَدَى فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ مُسْكَةُ مَاءٍ وَلَا يَصِلُ إِلَى جِسْرِ حسرين، وَغَلَا سِعْرُ الثَّلْجِ بِالْبَلَدِ.

وَأَمَّا نِيلُ مِصْرَ فإنه كان في غاية الزيادة والكثرة.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ حَسَنُ بن الشيخ علي الحريري في ربيع الأول بقرية بسر، وكان من كبار الطَّائِفَةِ، وَلِلنَّاسِ إِلَيْهِ مَيْلٌ لِحُسْنِ أَخْلَاقِهِ وَجَوْدَةِ مُعَاشَرَتِهِ، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.

الصَّدْرُ الْكَبِيرُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عثمان بن أبي الرجا بْنِ أَبِي الزُّهْرِ التَّنُوخِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّلْعُوسِ، أخو الوزير، قَرَأَ الْحَدِيثَ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ، كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْبَرِّ، تُوُفِّيَ بِدَارِهِ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَعُمِلَ عَزَاؤَهُ بِمَسْجِدِ ابْنِ هِشَامٍ، وَقَدْ وَلِيَ فِي وَقْتٍ نَظَرَ الْجَامِعِ وَشُكِرَتْ سِيرَتُهُ، وَحَصَلَ لَهُ وَجَاهَةٌ عَظِيمَةٌ عَرِيضَةٌ أَيَّامَ وِزَارَةِ أَخِيهِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَا كَانَ عليه قبل ذلك حتى توفي، وَشَهِدَ جِنَازَتَهُ خلقٌ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ.

الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الْأَيْكِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْأَيْكِيِّ، أَحَدُ الْفُضَلَاءِ الحلالين للمشكلات، الميسرين الْمُعْضِلَاتِ، لَا سِيَّمَا فِي عِلْمِ الْأَصْلَيْنِ وَالْمَنْطِقِ، وَعِلْمِ الْأَوَائِلِ، بَاشَرَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>