في يوم الخميس لتسع خلون من جمادى الأول منها، دخل أبو مسلم الخراساني مرو، ونزل دار الامارة بها، وانتزعها من يد نصر بن سيار، وذلك بمساعدة علي بن الكرماني، وهرب نصر بن سيار في شرذمة قليلة من الناس، نحو من ثلاثة آلاف، ومعه امرأته المرزبانة، حتى لحق سرخس وترك امرأته وراءه، ونجا بنفسه، واستفحل أمر أبي مسلم جدا، والتفت عليه العساكر.
[مقتل شيبان بن سلمة الحروري]
ولما هرب نصر بن سيار بقي شيبان وكان ممالئا له على أبي مسلم، فبعث إليه أبو مسلم رسلا فحبسهم فأرسل أبو مسلم إلى بسام بن إبراهيم مولى بني ليث يأمره أن يركب إلى شيبان فيقاتله، فسار إليه فاقتتلا فهزمه بسام فقتله واتبع أصحابه يقتلهم ويأسرهم، ثم قتل أبو مسلم عليا وعثمان ابني الكرماني، ثم وجه أبو مسلم أبا داود إلى بلخ فأخذها من زياد بن عبد الرحمن القشيري، وأخذ منهم أموالا جزيلة. ثم إن أبا مسلم اتفق مع أبي داود على قتل عثمان بن الكرماني في يوم كذا، وفي ذلك اليوم بعينه يقتل أبو مسلم علي بن جديع الكرماني، فوقع ذلك كذلك.
وفي هذه السنة وجه أبو مسلم قحطبة بن شبيب إلى نيسابور لقتال نصر بن سيار، ومع قحطبة جماعة من كبار الأمراء، منهم خالد بن برمك. فالتقوا مع تميم بن نصر بن سيار وقد وجهه أبوه لقتالهم بطوس، فقتل قحطبة من أصحاب نصر نحوا من سبعة عشر ألفا في المعركة، وقد كان أبو مسلم بعث إلى قحطبة مددا نحو عشرة آلاف فارس، عليهم علي بن معقل، فاقتتلوا فقتلوا من أصحاب نصر خلقا كثيرا، وقتلوا تميم بن نصر، وغنموا أموالا جزيلة جدا، ثم إن يزيد بن عمر بن هبيرة نائب مروان على العراق بعث سرية مددا لنصر بن سيار، فالتقى معهم قحطبة في مستهل ذي الحجة، وذلك يوم الجمعة. فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم جند بني أمية، وقتل من أهل الشام وغيرهم عشرة آلاف، منهم نباتة بن حنظلة عامل جرجان، فبعث قحطبة برأسه إلى أبي مسلم.
[ذكر دخول أبي حمزة الخارجي المدينة النبوية واستيلائه عليها]
قال ابن جرير: وفي هذه السنة كانت وقعة بقديد بين أبي حمزة الخارجي الذي كان عام أول في أيام الموسم، فقتل من أهل المدينة من قريش خلقا كثيرا، ثم دخل المدينة وهرب نائبها عبد الواحد بن سليمان، فقتل الخارجي من أهلها خلقا، وذلك لتسع عشرة ليلة خلت من صفر من هذه السنة، ثم خطب على منبر رسول الله ﷺ فوبخ أهل المدينة، فقال: يا أهل المدينة إني مررت بكم أيام الأحول - يعني هشام بن عبد الملك - وقد أصابتكم عاهة في ثماركم فكتبتم إليه تسألونه أن يضع الخرص