جارية كانت لعبد الله بن مروان، وكتب إلى أبي العباس السفاح بما فتح الله عليه من النصر، وما حصل لهم من الأموال. فصلى السفاح ركعتين شكرا لله ﷿، وأطلق لكل من حضر الوقعة خمسمائة خمسمائة، ورفع في أرزاقهم إلى ثمانين، وجعل يتلو قوله (فلما فصل طالوت بالجنود) الآية [البقرة: ٢٤٩].
[صفة مقتل مروان]
لما انهزم مروان سار لا يلوي على أحد، فأقام عبد الله بن علي في مقام المعركة سبعة أيام، ثم سار خلفه بمن معه من الجنود، وذلك عن أمر السفاح له بذلك، فلما مر مروان بحران اجتازها وأخرج أبا محمد السفياني من سجنه، واستخلف عليها أبان بن يزيد - وهو ابن أخته (١)، وزوج ابنته أم عثمان - فلما قدم عبد الله على حران خرج إليه أبان بن يزيد مسودا فأمنه عبد الله بن علي وأقره على عمله، وهدم الدار التي سجن فيها إبراهيم الامام، واجتاز مروان قنسرين قاصدا حمص، فلما جاءها خرج إليه أهلها بالأسواق والمعايش، فأقام بها يومين أو ثلاثة ثم شخص منها، فلما رأى أهل حمص قلة من معه اتبعوه ليقتلوه ونهبوا ما معه، وقالوا: مرعوب مهزوم، فأدركوه بواد عند حمص فأكمن لهم أميرين، فلما تلاحقوا بمروان عطف عليهم فناشدهم أن يرجعوا فأبوا إلا مقاتلته، فثار القتال بينهم وثار الكمينان من ورائهم، فانهزم الحمصيون، وجاء مروان إلى دمشق وعلى نيابتها من جهته زوج ابنته الوليد بن معاوية بن مروان، فتركه بها واجتاز عنها قاصدا إلى الديار المصرية، وجعل عبد الله بن علي لا يمر ببلد وقد سودوا فيبايعونه ويعطيهم الأمان، ولما وصل إلى قنسرين وصل إليه أخوه عبد الصمد بن علي في أربعة آلف، قد بعثهم السفاح مددا له، ثم سار عبد الله حتى أتى حمص، ثم سار منها إلى بعلبك، ثم منها حتى أتى دمشق من ناحية المزة فنزل بها يومين أو ثلاثة، ثم وصل إليه أخوه صالح بن علي في ثمانية آلاف مددا من السفاح، فنزل صالح بمرج عذراء، ولما جاء عبد الله بن علي دمشق نزل على الباب الشرقي، ونزل صالح أخوه على باب الجابية، ونزل أبو عون على باب كيسان، ونزل بسام على الباب الصغير، وحميد بن قحطبة على باب توما، وعبد الصمد ويحيى بن صفوان والعباس بن يزيد على باب الفراديس، فحاصرها أياما ثم افتتحها يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان هذه السنة، فقتل من أهلها خلقا كثيرا وأباحها ثلاث ساعات، وهدم سورها، ويقال إن أهل دمشق لما حاصرهم عبد الله اختلفوا فيما بينهم، ما بين عباسي وأموي، فاقتتلوا فقتل بعضهم بعضا، وقتلوا نائبهم ثم سلموا البلد وكان أول من صعد السور من ناحية الباب الشرقي رجل يقال له عبد الله الطائي، ومن ناحية الباب الصغير بسام بن إبراهيم، ثم أبيحت دمشق ثلاث ساعات حتى قيل إنه قتل بها في هذه المدة نحوا من خمسين ألفا.
(١) هو إبان بن يزيد بن محمد بن مروان ابن أخ مروان (انظر الطبري - ابن الأثير).