للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأعيانهم وعن غيرهم أنه جمع بين الحج والعمرة فما الجمع من ذلك. فالجواب: أن رواية من روى أنه أفرد الحج محمولة على أنه أفرد أفعال الحج، ودخلت العمرة فيه نية وفعلا ووقتا وهذا يدل على أنه اكتفى بطواف الحج، وسعيه عنه وعنها كما هو مذهب الجمهور في القارن خلافا لأبي حنيفة حيث ذهب إلى أن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين واعتمد على ما روي في ذلك عن علي بن أبي طالب وفي الاسناد إليه نظر. وأما من روى التمتع ثم روى القران فقد قدمنا الجواب عن ذلك بأن التمتع في كلام السلف أعم من التمتع الخاص والقران بل ويطلقونه على الاعتمار في أشهر الحج وإن لم يكن معه حج. كما قال سعد بن أبي وقاص: تمتعنا مع رسول الله وهذا - يعني معاوية - يومئذ كافر بالعرش - يعني بمكة - وإنما يريد بهذا إحدى العمرتين، إما الحديبية أو القضاء. فأما عمرة الجعرانة فقد كان معاوية قد أسلم لأنها كانت بعد الفتح وحجة الوداع بعد ذلك سنة عشر وهذا بين واضح والله أعلم.

[فصل]

إن قيل: فما جوابها عن الحديث الذي رواه أبو داود الطيالسي في مسنده. حدثنا هشام عن قتادة عن أبي سيح الهنائي (١)، واسمه صفوان بن خالد، أن معاوية قال لنفر من أصحاب رسول الله : أتعلمون أن رسول الله نهى عن صفف (٢) النمور قالوا: اللهم نعم! قال. وأنا أشهد قال: أتعلمون أن رسول الله نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا (٣) قالوا: اللهم نعم! قال: أتعلمون أن رسول الله نهى أن يقرن بين الحج والعمرة قالوا: اللهم لا! قال: والله إنها لمعهن. وقال الإمام أحمد: ثنا عفان ثنا همام، عن قتادة، عن أبي سيح الهنائي قال: كنت في ملاء من أصحاب رسول الله عند معاوية فقال معاوية: أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله نهى عن جلود النمور أن يركب عليها قالوا: اللهم نعم! قال: وتعلمون أنه نهى عن لباس الذهب إلا مقطعا قالوا: اللهم نعم! قال: وتعلمون أنه نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة قالوا: اللهم نعم! قال: وتعلمون أنه نهى عن المتعة - يعني متعة الحج - قالوا: اللهم لا! وقال أحمد: ثنا محمد بن جعفر، ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي سيح الهنائي أنه شهد معاوية وعنده جمع من أصحاب النبي فقال لهم معاوية: أتعلمون أن رسول الله نهى عن ركوب جلود النمور قالوا: نعم! قال: تعلمون أن رسول الله نهى عن لبس الحرير؟ قالوا: اللهم نعم! قال: أتعلمون أن رسول الله نهى أن يشرب في آنية الذهب والفضة؟ قالوا: اللهم نعم! قال أتعلمون أن رسول الله نهى عن جمع بين حج وعمرة؟ قالوا: اللهم لا! قال فوالله إنها


(١) في المشتبه: ١/ ٢٧٩: السبائي.
(٢) الصفف: جمع صفة وهي ما يفرش تحت السرج.
(٣) المقطع: الشئ اليسير منه كالحلقة (عن النهاية).

<<  <  ج: ص:  >  >>