للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُفَّاظِ وَأَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَ بِهِ، قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: كَتَبْتُ عَنْ أَلْفِ شَيْخٍ لم أر أفهم ولا أَتْقَنَ مِنْ أَبِي أَحْمَدَ الْعَسَّالِ.

تُوُفِّيَ فِي رمضان منها رحمه الله.

والله سبحانه أعلم.

ثم دخلت سنة خمسين وثلثمائة فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا مَرِضَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ بِانْحِصَارِ الْبَوْلِ فَقَلِقَ مِنْ ذَلِكَ وَجَمَعَ بين صاحبه سُبُكْتِكِينَ وَوَزِيرِهِ الْمُهَلَّبِيِّ، وَأَصْلَحَ بَيْنَهُمَا وَوَصَّاهُمَا بِوَلَدِهِ بَخْتِيَارَ خَيْرًا، ثُمَّ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ فَعَزَمَ على الرحيل إلى الأهواز لاعتقاده أن ما أصابه من هذه العلة بسبب هواء بغداد ومائها، فأشاروا عَلَيْهِ بِالْمُقَامِ بِهَا، وَأَنْ يَبْنِيَ بِهَا دَارًا فِي أَعْلَاهَا حَيْثُ الْهَوَاءُ أَرَقُّ وَالْمَاءُ أَصْفَى، فبنى له داراً غرم عليه ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاحْتَاجَ لِذَلِكَ أن يصادر بعض أصحابه، ويقال أنفق عليها أَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ (١) ، وَمَاتَ وَهُوَ يَبْنِي فِيهَا ولم يسكنها، وقد خرب أشياء كثيرة من معالم الخلفاء ببغداد في بنائها، وكان مما خرب الْمَعْشُوقُ مِنْ سُرَّ مَنْ رَأَى، وَقَلَعَ الْأَبْوَابَ الحديد التي على مدينة المنصور والرصافة وقصورها، وَحَوَّلَهَا إِلَى دَارِهِ هَذِهِ، لَا تَمَّتْ فَرْحَتُهُ بها، فإنَّه كان رافضياً خبيثاً.

وَفِيهَا مَاتَ الْقَاضِي أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقُبِضَتْ أَمْلَاكُهُ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ الْقَضَاءَ أبو عبد الله (٢) الحسين بْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَضَمِنَ أَنْ يُؤَدِّيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ إِلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ وَسَارَ وَمَعَهُ الدبابات وَالْبُوقَاتُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَمِنَ القضاء ورشى عليه والله أعلم.

وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْخَلِيفَةُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ فِي الحضور عنده ولا في حضور الموكب من أجل ذلك غضباً عليه، ثُمَّ ضَمِنَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ الشُّرْطَةَ وَضَمِنَ الْحِسْبَةَ أَيْضًا.

وَفِيهَا سَارَ قَفَلٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ يُرِيدُونَ طَرَسُوسَ، وَفِيهِمْ نَائِبُ أَنْطَاكِيَةَ، فَثَارَ عَلَيْهِمُ الْفِرِنْجُ

فَأَخَذُوهُمْ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ سِوَى النَّائِبِ جَرِيحًا فِي مَوَاضِعَ مِنْ بَدَنِهِ.

وَفِيهَا دَخَلَ نَجَا غُلَامُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِلَادَ الرُّومِ فَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ وَرَجَعَ سَالِمًا.

وَفِيهَا توفي الأمير: نوح بن عبد الملك الساماني (٣) صاحب خراسان وغزنة وما وراء النهر، سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَمَاتَ، فَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بعده أخوه منصور بن نوح الساماني.


(١) في العبر ٣ / ٤٢٥: أنفق عليها ألف ألف دينار.
(٢) في الكامل ٨ / ٥٣٦: أبو العباس.
(٣) في الكامل ٨ / ٥٣٥: عبد الملك بن نوح.
ومات يوم الخميس حادي عشر شوال.
وفي العبر: مات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>