للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَعْتَقِدُ خِلَافَ مُعْتَقَدِكَ (هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) أَيْ لَا أَعْبُدُ سِوَاهُ.

وَأَعْتَقِدَ أَنَّهُ يَبْعَثُ الْأَجْسَادَ بَعْدَ فَنَائِهَا، وَيُعِيدُ الْأَمْوَاتَ، وَيَجْمَعُ الْعِظَامَ الرُّفَاتَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَلَا فِي مُلْكِهِ وَلَا إِلَهٍ غَيْرُهُ، ثُمَّ أَرْشَدَهُ إِلَى مَا كَانَ الْأَوْلَى بِهِ أَنْ يَسْلُكَهُ عِنْدَ دُخُولِ جَنَّتِهِ فَقَالَ: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) [الكهف: ٣٩] وَلِهَذَا يستحب لكل من

أعجبه شئ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ حَالِهِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ فِي صحَّته نَظَرٌ (١) .

قَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حدثنا جراح بن مخلد، حدثنا عمرو بن يوسف، حدَّثنا عِيسَى بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زُرَارَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً مِنْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " (٢) فيرى فيه أنه دُونَ الْمَوْتِ وَكَانَ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ عِيسَى بْنُ عَوْنٍ: عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَنَسٍ لَا يَصِحُّ.

ثُمَّ قَالَ الْمُؤْمِنُ لِلْكَافِرِ: (فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) أَيْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ (وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا من السماء) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ أَيْ عَذَابًا مِنَ السَّمَاءِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَطَرُ الْمُزْعِجُ الْبَاهِرُ الَّذِي يَقْتَلِعُ زُرُوعَهَا وَأَشْجَارَهَا (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) وَهُوَ التُّرَابُ الْأَمْلَسُ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ (أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً) وَهُوَ ضِدُّ الْمَعِينِ السَّارِحِ (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) يَعْنِي فَلَا تَقْدِرُ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ قَالَ اللَّهُ تعالى: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) أَيْ جَاءَهُ أَمْرٌ أَحَاطَ بِجَمِيعِ حَوَاصِلِهِ وَخَرَّبَ جَنَّتَهُ وَدَمَّرَهَا (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) [الكهف: ٤٢] أَيْ خَرِبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا عَوْدَةَ لَهَا وَذَلِكَ ضِدُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَمَّلَ حَيْثُ قَالَ: (وَمَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً) وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ سَلَفَ مِنْهُ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي كَفَرَ بِسَبَبِهِ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ فَهُوَ يَقُولُ: (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً هناك) [الكهف: ٤٣] أي لم يكن أَحَدٌ يَتَدَارَكُ مَا فَرَطَ مِنْ أَمْرِهِ وَمَا كَانَ لَهُ قدرة في نفسه على شئ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ) [الطارق: ١٠] وَقَوْلُهُ: (الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الحق) ومنهم من يبتدئ


(١) عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لابي موسى أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الجنَّة، قلت بلى قال: لا حولا ولا قوة إلا بالله أخرجه مسلم.
وأخرج الترمذي من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من قال باسم الله تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.." قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وأخرجه أبو داود وابن ماجة في سننيهما.
(٢) روى الطبراني عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بالله.
وروى ابن ماجه عن محمد بن الحسن الخلال عن أنس، قال قال رسول الله: " ما أنعم الله على عبد فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطي أفضل مما أخذه " رواه في ثواب التسبيح.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>