للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أن رسول الله كان يسير في بعض أسفاره وكان عمر بن الخطاب يسير معه ليلا، فسأله عمر بن الخطاب عن شئ، فلم يجبه رسول الله ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب ثكلتك أمك يا عمر نزرت رسول الله ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك. قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فجئت رسول الله فسلمت عليه، فقال " لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب ألي مما طلعت عليه الشمس " ثم قرأ (انا فتحنا لك فتحا مبينا) (١). قلت: وقد تكلمنا على سورة الفتح بكمالها في كتابنا التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد والمنة، ومن أحب أن يكتب ذلك هنا فليفعل.

فصل في السرايا (٢) التي كانت في سنة ست من الهجرة

وتلخيص ذلك ما أورده الحافظ البيهقي (٣) عن الواقدي:

في ربيع الأول منها أو الآخر بعث رسول الله عكاشة بن محصن في أربعين رجلا إلى [الغمر، وفيهم ثابت بن أقرم وسباع بن وهب، فأغذا السير ونذر القوم بهم] (٤) فهربوا منه ونزل على مياههم، وبعث في آثارهم وأخذ منهم مائتي بعير فاستقاها إلى المدينة.


(١) أول سورة الفتح. والحديث أخرجه البخاري في ٦٥ كتاب التفسير، تفسير سورة الفتح (ح: ٤٨٣٣) فتح الباري ٨/ ٥٨٢.
قال القرطبي في التفسير: اختلف في هذا الفتح ما هو؟
وقال الرازي في تفسيره الكبير: في الفتح وجوه: أحدها فتح مكة وهو ظاهر. وهو مناسب لآخر ما قبلها (آخر سورة محمد: ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله). فإن: إن كان المراد فتح مكة، فمكة لم تكن قد فتحت، فكيف قال تعالى (فتحنا لك فتحا مبينا) بلفظ الماضي؟ فالجواب عنه من وجهين: أحدهما: فتحنا في حكمنا وتقديرنا. وثانيهما: ما قدره الله تعالى فهو كائن، فأخبر بصيغة الماضي إشارة إلى أنه أمر لا دافع له، واقع لا رافع له.
وقال العوفي ومجاهد: هو فتح خيبر. قال القرطبي: فتح الحديبية، هو الأرجح.
(٢) السرايا: جمع سرية وهي الكتيبة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة نفر تبعث إلى العدو، وسميت بالسرية من الشئ السري: النفيس حيث كان يتم اختيارهم من شجعان العسكر ومقدميهم. قال صاحب النهاية: سموا بذلك لأنهم ينفذون سرا، وخفية وليس بالوجه لان لام السر راء وهذا ياء.
(٣) دلائل النبوة: في باب السرايا التي كانت في سنة ست من الهجرة فيما زعم الواقدي: ج ٤/ ٨٢ وما بعدها.
(٤) ما بين معكوفين بياض بالأصل واستدرك من الدلائل. وفي المواهب: إلى مرزوق. والغمر: ماء لبني أسد على ليلتين من فيد كما في طبقات ابن سعد.
مغازي الواقدي ٢/ ٥٥٠ والبيهقي ٤/ ٨٣ واختصرها عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>