للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناقة صالح يشربون لبنها يوما بعد يوم. ثم أمر الله عيسى أن يقصرها على الفقراء أو المحاويج دون الأغنياء فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك، فرفعت بالكلية ومسخ الذين تكلموا في ذلك خنازير.

وقد روى ابن أبي حاتم وابن جرير جميعا: حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي، حدثنا سفيان بن حبيب، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن عمار بن ياسر عن النبي قال: " نزلت المائدة من السماء خبز ولحم وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا ولا يرفعوا لغد فخانوا وادخروا ورفعوا فمسخوا قردة وخنازير " (١) ثم رواه ابن جرير عن بندار عن ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس [بن عمرو] عن عمار موقوفا وهذا أصح وكذا رواه من طريق سماك عن رجل من بني عجل عن عمار موقوفا وهو الصواب والله أعلم. وخلاس عن عمار منقطع فلو صح هذا الحديث مرفوعا لكان فيصلا في هذه القصة فإن العلماء اختلفوا في المائدة هل نزلت أم لا فالجمهور أنها نزلت (٢) كما دلت عليه هذه الآثار كما هو المفهوم من ظاهر سياق القرآن ولا سيما قوله: (إني منزلها عليكم) كما قرره ابن جرير والله أعلم. وقد روى ابن جرير بإسناد صحيح إلى مجاهد وإلى الحسن بن أبي الحسن البصري، أنهما قالا: لم تنزل وانهم أبوا نزولها حين قال: (فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين) ولهذا قيل إن النصارى لا يعرفون خبر المائدة وليس مذكورا في كتابهم مع أن خبرها مما يتوفر الدواعي على نقله. والله أعلم. وقد تقصينا الكلام على ذلك في التفسير (٣) فليكتب من هناك. ومن أراد مراجعته فلينظره من ثم ولله الحمد والمنة.

[فصل]

قال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا رجل سقط اسمه، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا أبو هلال محمد بن سليمان، عن بكر بن عبد الله المزني قال: فقد الحواريون نبيهم عيسى فقيل لهم توجه نحو البحر فانطلقوا يطلبونه فلما انتهوا إلى البحر إذا هو يمشي على الماء يرفعه الموج مرة ويضعه أخرى، وعليه كساء مرتد بنصفه ومؤتزر بنصفه، حتى انتهى إليهم فقال لهم بعضهم قال أبو هلال ظننت أنه من أفاضلهم - ألا أجئ إليك يا نبي الله؟ قال: بلى، قال: فوضع إحدى


(١) رواه الطبري في تفسيره ٢/ ١٣٠ والترمذي في صحيحه ٤٨ كتاب التفسير القرآن - ٦ باب ٣٠٦١ مرفوعا وقال لا نعرفه مرفوعا من حديث الحسن بن قزعة. ورواه موقوفا وقال: هذا أصح ولا نعلم للحديث المرفوع أصلا. ورواه ابن كثير في تفسيره ٢/ ١٢٠ دار الفكر.
(٢) قال الرازي: نزلت ثم طارت ثم عصوا من بعدها فمسخوا قردة وخنازير; ولم يذكره أنهم أكلوا منها. وقال وقال الجمهور الأعظم من المفسرين: أنها نزلت.
(٣) رواه ابن كثير في التفسير ج ٢/ ١٢٠ دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>