للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﷿، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى. فكتب النجاشي إلى رسول الله : بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله من النجاشي الأصحم بن أبجر سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته لا إله إلا هو الذي هداني إلى الاسلام، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقرينا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا ومصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وقد بعثت إليك يا نبي الله بأريحا بن الأصحم بن أبجر فإني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق (١).

[فصل]

في ذكر مخالفة قبائل قريش بني هاشم وبني عبد المطلب في نصر رسول الله وتحالفهم فيما بينهم عليهم، على أن لا يبايعوهم ولا يناكحوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله ، وحصرهم إياهم في شعب أبي طالب مدة طويلة، وكتابتهم بذلك صحيفة ظالمة فاجرة، وما ظهر في ذلك كله من آيات النبوة ودلائل الصدق.

قال موسى بن عقبة عن الزهري: ثم إن المشركين اشتدوا على المسلمين كأشد ما كانوا حتى بلغ المسلمين الجهد، واشتد عليهم البلاء، وجمعت قريش في مكرها أن يقتلوا رسول الله علانية. فلما رأى أبو طالب عمل القوم جمع بني عبد المطلب وأمرهم أن يدخلوا رسول الله شعبهم، وأمرهم أن يمنعوه ممن أرادوا قتله. فاجتمع على ذلك مسلمهم وكافرهم، فمنهم من فعله حمية، ومنهم من فعله إيمانا ويقينا. فلما عرفت قريش أن القوم قد منعوا رسول الله ، وأجمعوا (٢) على ذلك، اجتمع المشركون من قريش فأجمعوا أمرهم أن لا يجالسوهم ولا يبايعوهم ولا يدخلوا بيوتهم حتى يسلموا رسول الله للقتل، وكتبوا (٣) في مكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق لا يقبلوا من بني هاشم صلحا أبدا ولا يأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل. فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين (٤)، واشتد عليهم البلاء والجهد وقطعوا عنهم الأسواق فلا يتركوا لهم طعاما


(١) دلائل البيهقي ج ٢/ ٣٠٩ - ٣١٠.
(٢) في دلائل البيهقي: واجتمعوا، وما أثبتناه مناسب أكثر.
(٣) كتبها: منصور بن عكرمة العبدري كما في طبقات ابن سعد.
راجع في تعاقد قريش على بني هاشم، وبني المطلب وكتابتهم صحيفة هذا العقد: ابن هشام ١/ ٣٧١ ابن سعد ١/ ١٣٩ الطبري ٢/ ٣٢٥ النويري ١٦/ ٢٥٨ السيرة الحلبية ١/ ٤٤٩ الدرر في اختصار المغازي والسير، وسبل الهدى والرشاد.
(٤) كان هذا العقد والحصار لبني هاشم وبني عبد المطلب في ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة وظلوا محاصرين إلى السنة العاشرة، وقيل بل إلى السنة التاسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>