ولما انفصل الحرب وتسلموا عكا وقتلوا من كان بها من المسلمين وساروا برمتهم إلى القدس جعل يسايرهم منزلة منزلة، وَجُيُوشُهُمْ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَنْ مَعَهُ، وَمَعَ هَذَا نصره الله وخذلهم، وسبقهم إلى القدس فصانه وحماه منهم، وَلَمْ يَزَلْ بِجَيْشِهِ مُقِيمًا بِهِ يُرْهِبُهُمْ وَيُرْعِبُهُمْ ويغلبهم ويسلبهم حَتَّى تَضَرَّعُوا إِلَيْهِ وَخَضَعُوا لَدَيْهِ، وَدَخَلُوا عَلَيْهِ في الصلح، وأن تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا سألوا على الوجه الذي أراده، لا على مَا يُرِيدُونَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الرَّحْمَةِ التي رحم الله بها المؤمنين، فَإِنَّهُ مَا انْقَضَتْ تِلْكَ السُّنُونَ حَتَّى مَلَكَ البلاد أخوه الْعَادِلُ فَعَزَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَذَلَّ بِهِ الْكَافِرُونَ، وكان سخياً جبياً ضَحُوكَ الْوَجْهِ كَثِيرَ الْبِشْرِ، لَا يَتَضَجَّرُ مِنْ خير