للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ حَضَرَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ يَقُولُ أَوْ يُقَالُ عَلَى لِسَانِهِ: الْأَوْسَطُ أَجْلَدُ الثَّلاثة الَّذِي كَانَ لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، كَانَ لَا يَأْمُرُ النَّاس، أَنْ يَأْكُلَ قويَّهم ضَعِيفَهُمْ، عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَدَقَ صَدَقَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ.

ثُمَّ قَالَ: عُثْمَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ يُعَافِي النَّاس، مِنْ ذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ، خَلَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَ أَرْبَعٌ، ثمَّ اخْتَلَفَ النَّاس وَأَكَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَا نظام [وأبيحت الأحماء، ثم ارعوى المؤمنون] (١) وقال: كِتَابُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ، أيُّها النَّاس: أَقْبِلُوا عَلَى أمير كم وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَمَنْ تَوَلَّى فَلَا يعهدنَّ دَمًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا، اللَّهُ أَكْبَرُ هذه الجنَّة وهذه النَّار، ويقولن النَّبيّون والصِّديقون: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ هَلْ أَحْسَسْتَ لِي خَارِجَةَ لِأَبِيهِ، وَسَعْدًا اللَّذين قُتِلَا يَوْمَ أُحُدٍ؟ * (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نزَّاعة للشَّوى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى) * [المعارج: ١٦ - ١٩] ثمَّ خَفَتَ صَوْتُهُ، فَسَأَلْتُ الرَّهط عَمَّا سَبَقَنِي مِنْ كَلَامِهِ، فَقَالُوا: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَنْصِتُوا أَنْصِتُوا، فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ فَإِذَا الصَّوت مِنْ تَحْتِ الثِّياب، قَالَ: فَكَشَفْنَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: هَذَا أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصَّدِّيقُ الْأَمِينُ، خليفة رسول الله كَانَ ضَعِيفًا فِي جِسْمِهِ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ صَدَقَ صَدَقَ وَكَانَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ.

ثمَّ رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: عَنْ أَبِي نَصْرِ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أبي عمرو بن بجير (٢) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ [بْنِ الْجُنَيْدِ] عَنِ الْمُعَافَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ: هذا إسناد صحيح * وقد روى هشام بن عمار في كتاب البعث عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حدَّثني عمير بن هانئ، حدَّثني النعمان بن بشير قال: توفي رجل منَّا يقال له: خارجة بن زيد فسجينا عليه ثوباً، فذكر نحو ما تقدم * قَالَ: الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَذَكَرَ

بِئْرَ أريس، كما ذكرنا في رواية الْمُسَيَّبِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْأَمْرُ فِيهَا أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم اتَّخَذَ خَاتَمًا فَكَانَ فِي يَدِهِ، ثمَّ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُمْرَ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ حَتَّى وقع منه في بئر أريس بعدما مَضَى مِنْ خِلَافَتِهِ سِتِّ سِنِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغَيَّرَتْ عمَّاله، وَظَهَرَتْ أَسْبَابُ الْفِتَنِ كَمَا قِيلَ عَلَى لِسَانِ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ.

قُلْتُ: وَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ قَوْلِهِ مَضَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَ أَرْبَعٌ أَوْ مَضَتْ أَرْبَعٌ وَبَقِيَ اثْنَتَانِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّواية وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ (٣) : زَيْدُ بْنُ خَارِجَةَ الْخَزْرَجِيُّ الْأَنْصَارِيُّ شَهِدَ بَدْرًا، تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِىَ فِي التَّكَلُّمِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَنْ جَمَاعَةٍ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنيا: ثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، ثَنَا خَالِدٌ الطحَّان عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ


(١) من الدلائل، وفي الاصل: وانتجت الاكما، ثمَّ ارعوى المؤمنين.
(٢) في الدلائل: نجيد.
(٣) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٣٨٣.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>