للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاس كَافَّةً، وَلَكِنْ حُذَيْفَةُ أَخْبَرَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " فِي أَصْحَابِي اثَنَا عَشَرَ مُنَافِقًا مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الجنَّة حتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سمِّ الخيَاط " (١) وَفِي رواية مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ " إنَّ فِي أُمَّتِي اثْنَيْ عَشَرَ مُنَافِقًا لَا يَدْخُلُونَ الجنَّة حتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سمِّ الخيَاط، ثَمَانِيَةٌ منهم يكفيكهم الدُّبَيْلَةُ، سِرَاجٌ مِنَ النَّار يَظْهَرُ بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ حتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ ".

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ (٢) : وَرَوَيْنَا عَنْ حُذَيْفَةَ أنَّهم كَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ - أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ - وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أنَّ اثْنَيْ عشر منهم حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وَعَذَرَ ثَلَاثَةً أنَّهم قَالُوا: مَا سَمِعْنَا الْمُنَادِي وَلَا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ: حدَّثنا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ هَارُونَ - أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ

عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ.

قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أمر منادياً فنادى إنَّ رسول الله آخِذٌ بِالْعَقَبَةِ فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُهُ عمَّار إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّواحل فَغَشُوا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَأَقْبَلَ عمَّار يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّواحل، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم لِحُذَيْفَةَ " قُدْ قُدْ " حتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الوادي، فلمَّا هبط وَرَجَعَ عمَّار قَالَ " يَا عمَّار هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ؟ " قَالَ قَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّواحل وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ قَالَ " هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا؟ " قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " أَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ فَيَطْرَحُوهُ " قَالَ فسارَّ عمَّار رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أَصْحَابُ العقبة؟ قال أربعة عشر رجلاً، فَقَالَ إِنْ كُنْتُ فِيهِمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ، قَالَ فَعَذَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمُ ثَلَاثَةً قَالُوا مَا سَمِعْنَا منادي رَسُولَ اللَّهِ وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ.

فَقَالَ عمَّار: أَشْهَدُ أنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ (٣) الْبَاقِينَ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ.

قِصَّةُ مَسْجِدِ الضِّرَارِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى * (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لكاذوبون، لَا تَقُمْ فِيهِ


(١) الحديث رواه مسلم في صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ في (٥٠) كتاب المنافقين (الحديث: ٩) وعن محمد بن بشار.
الحديث (١٠) .
ص (٤ / ٢١٤٣) .
(٢) دلائل النبوة ج ٥ / ٢٦٢.
وآخره: ولا علمنا بما أراد القوم.
(٣) قال الواقدي: ليس فيهم قرشي، وهو المجتمع عليه عندنا.
ونقل البيهقي في الدلائل، عن ابن إسحاق اسماءهم، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ (قال في زاد المعاد: لم يعرف له إسلام) وأبو حاضر الاعرابي - وعامر - وأبو عامر (الراهب) - والجلاس بن سويد بن الصامت - ومجمع بن جارية - وفليح التيمي - وحصين بن نمير - وطعمة بن أبيرق - وعبد الله بن عيينة - ومرة بن ربيع.
(ج ٥ / ٢٥٨) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>