للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله من لية (١) حتى إذا كنا عند السدرة، وقف رسول الله في طرف القرن حذوها فاستقبل محبسا ببصره - يعني واديا - ووقف حتى اتفق الناس كلهم ثم قال " إن صيدوج وعضاهه حرم محرم لله " وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيفا، وقد رواه أبو داود: من حديث محمد بن عبد الله بن انسان الطائفي وقد ذكره ابن حبان في ثقاته. وقال ابن معين ليس به بأس. تكلم فيه بعضهم وقد ضعف أحمد والبخاري وغيرهما هذا الحديث، وصححه الشافعي وقال بمقتضاه والله أعلم.

[موت عبد الله بن أبي، قبحه الله]

قال محمد بن إسحاق: حدثني الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد. قال: دخل رسول الله على عبد الله بن أبي يعوده في مرضه الذي مات فيه، فلما عرف فيه الموت قال رسول الله " أما والله إن كنت لأنهاك عن حب يهود " فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه (٢)؟. وقال الواقدي: مرض عبد الله بن أبي في ليال بقين من شوال، ومات في ذي القعدة، وكان مرضه عشرين ليلة، فكان رسول الله يعوده فيها، فلما كان اليوم الذي مات فيه دخل عليه رسول الله وهو يجود بنفسه فقال " قد نهيتك عن حب يهود " فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة فما نفعه؟ ثم قال: يا رسول الله ليس هذا الحين عتاب هو الموت فاحضر غسلي وأعطني قميصك الذي يلي جلدك فكفني فيه وصل علي واستغفر لي، ففعل ذلك به رسول الله (٣). وروى البيهقي: من حديث سالم بن عجلان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوا مما ذكره الواقدي فالله أعلم. وقد قال إسحاق بن راهويه (٤): قلت لأبي أسامة أحدثكم عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبي بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله وسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله يصلي عليه فقام عمر بن الخطاب فأخذ بثوبه فقال: يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك الله عنه، فقال رسول الله " إن ربي خيرني فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم وسأزيد على السبعين " فقال إنه منافق أتصلي عليه؟ فأنزل الله ﷿(ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله)[التوبة: ٨٤] فأقر به أبو أسامة وقال نعم! وأخرجاه في الصحيحين من حديث أبي أسامة (٥)، وفي رواية للبخاري وغيره قال عمر:


(١) لية: ناحية من نواحي الطائف.
(٢) نقل الخبر في دلائل البيهقي ج ٥/ ٢٨٥.
(٣) رواه الواقدي في مغازيه (٣/ ١٠٥٧) ونقله البيهقي عنه في الدلائل ج ٥/ ٢٨٥ و ٢٨٨.
(٤) في رواية البيهقي: إسحاق بن إبراهيم.
(٥) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، تفسير سورة براءة (١٢) باب، الحديث (٤٦٧٠)، ومسلم في كتاب صفات المنافقين (الحديث: ٣). ونقله البيهقي من طريق إبراهيم بن أبي طالب ج ٥/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>