للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا تَرَانَا إِلَى حيٍ نُفاخرهم * إِلَّا اسْتَفَادُوا وكانوا الرَّأس تُقتطعُ فَمَنْ يُفاخرنا فِي ذَاكَ نعرفَه * فَيَرْجِعُ الْقَوْمُ وَالْأَخْبَارُ تُستمعُ إنَّا أَبَيْنَا وَلَمْ يَأْبَى لَنَا أحدٌ * إنَّا كذلك عند الفخر ترتفع قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ غَائِبًا فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ شَاعِرُ الْقَوْمِ فَقَالَ مَا قَالَ أعرضت فِي قَوْلِهِ وَقُلْتُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ، فلمَّا فَرَغَ الزِّبْرِقَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: " قُمْ يَا حَسَّانُ فَأَجِبِ الرَّجُلَ فِيمَا قَالَ ".

فَقَالَ حَسَّانُ: إنَّ الذَّوائب مِنْ فَهرٍ وَإِخْوَتِهِمْ * قَدْ بيَّنوا سُنَّةً للنَّاس تتبعُ يَرْضَى بِهَا كُلُّ مَنْ كَانَتْ سريرتُهُ * تقْوى الْإِلَهِ وكلَّ الْخَيْرِ يصطنعُ (١) قومٌ إِذَا حَارَبُوا ضرَّوا عَدُوَّهُمْ * أَوْ حَاوَلُوا النَّفع فِي أَشْيَاعِهِمْ نَفَعُوا سجيةُ تِلْكَ مِنْهُمْ غَيْرُ محْدثةٍ * إنَّ الْخَلَائِقَ - فَاعْلَمْ - شَرُّهَا البدعُ إنْ كَانَ فِي النَّاس سبَّاقون بعدهمُ * فكل سبْقٍ لأدنى سبْقهم تبعُ لا يرفع النَّاس مَا أَوْهَتْ أكفُّهمُ * عِنْدَ الدِّفاع وَلَا يُوهُونَ مَا رَقَعُوا إنْ سَابَقُوا النَّاس يَوْمًا فَازَ سبْقهمُ * أَوْ وَازَنُوا أَهْلَ مجدٍ بالنَّدى مَنعوا (٢) أعفةٌ ذكرت في الوحي عفتهم * لا يطعمون وَلَا يُردِيهمُ طمعُ لَا يَبْخَلُونَ عَلَى جارٍ بفضلهمُ * وَلَا يمسُّهم مِنْ مطمعٍ طبعُ إِذَا نَصَبْنَا لحيٍّ لَمْ نَدِبَّ لَهُمْ * كَمَا يَدِبُّ إِلَى الْوَحْشِيَّةِ الذرعُ (٣) نَسْمُوا إِذَا الْحَرْبُ نَالَتْنَا مَخَالِبُهَا * إِذَا الزَّعانف مِنْ أَظْفَارِهَا خَشَعُوا

لَا يَفْخَرُونَ إِذَا نَالُوا عَدُوَّهُمُ * وَإِنْ أُصِيبُوا فَلَا خُورٌ وَلَا هلعُ كَأَنَّهُمْ فِي الْوَغَى وَالْمَوْتُ مكتَنِع * أُسدٌ بحلية في أرساعها فدعُ خذْ مِنْهُمْ مَا أَتَوْا عَفْوًا إِذَا غضبوا * ولا يكن همُّك الأمر الذي منع؟ وا فَإِنَّ فِي حَرْبِهِمْ - فَاتْرُكْ عَدَاوَتَهُمْ - * شرَّاً يُخَاضُ عَلَيْهِ السُّمُّ والسلعُ أكْرم بِقَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ شيعتهمْ * إِذَا تَفَاوَتَتِ الْأَهْوَاءُ والشّيعُ أَهْدَى لَهُمْ مِدْحَتِي قلبٌ يُؤَازِرُهُ * فِيمَا أُحِبُّ لِسَانٌ حائكٍ صَنَعُ فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ الْأَحْيَاءِ كلِّهمُ * إِنْ جدَّ فِي النَّاس جدُّ الْقَوْلُ أَوْ شَمَعُوا (٤) وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ: أَنَّ الزِّبْرِقَانَ لَمَّا قَدِمَ على


(١) رواية العجز في الديوان: تقوى الاله وبالامر الذي شرعوا.
(٢) في ابن هشام: متعوا.
(٣) الذرع: ولد البقرة الوحشية.
(٤) شمعوا، وتروى سمعوا، قال السهيلي: ضحكوا، ومنها جارية شموع: أي كثيرة الطرب.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>