للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي في بيتها، ورؤياه في منامه قوما من أمته يركبون ثبج البحر مثل الملوك على الأسرة غزاة في سبيل الله، وأنها سألته أن يدعو لها أن تكون منهم فدعا لها، ثم نام فرأى كذلك، فقالت: ادعو الله أن يجعلني منهم، فقال " لا! أنت من الأولين " وهم الذين فتحوا قبرص فكانت معهم، وذلك في سنة سبع وعشرين، ولم تكن من الآخرين الذين غزوا بلاد الروم سنة إحدى وخمسين مع يزيد بن معاوية ومعهم أبو أيوب، وقد توفي هناك فقبره قريب من سور قسطنطينية وقد ذكرنا هذا مقرارا في دلائل النبوة.

[سنة سبع وخمسين]

فيها كان مشتى عبد الله بن قيس بأرض الروم، قال الواقدي: وفي شوالها عزل معاوية مروان بن الحكم عن المدينة (١)، وولى عليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان (٢)، وهو الذي حج بالناس في هذه السنة، لأنه صارت إليه إمرة المدينة، وكان على الكوفة الضحاك بن قيس، وعلى البصرة عبيد الله بن زياد، وعلى خراسان سعيد بن عثمان. قال ابن الجوزي: وفيها توفي عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي، وهو أخو عبادة وسهل ابني حنيف، بعثه عمر لمساحة خراج السواد بالعراق، واستنابه عمر على الكوفة، فلما قدم طلحة والزبير صحبة عائشة وامتنع من تسليم دار الامارة، نتفت لحيته وحواجبه وأشفار عينيه ومثل به، فلما جاء علي وسلمه البلد قال له: يا أمير المؤمنين فارقتك ذا لحية واجتمعت بك أمرد، فتبسم علي وقال: لك أجر ذلك عند الله، وله في المسند والسنن حديث الأعمى الذي سأل رسول الله أن يدعو له ليرد الله عليه ضوء بصره فرده الله عليه، وله حديث آخر عند النسائي، ولم أر أحدا أرخ وفاته بهذه السنة سوى ابن الجوزي والله أعلم.

[سنة ثمان وخمسين]

فيها غزا مالك بن عبد الله الخثعمي أرض الروم، قال الواقدي: وفيها قيل شتى يزيد بن


(١) قال المسعودي في مروج الذهب ٣/ ٣٥: أن مروان بن الحكم قدم دمشق، لما كتب إليه معاوية وهو عامله على المدينة يأمره بمبايعة يزيد وأخذ البيعة له على من قبله، وأعلن معارضته لبيعة يزيد، فجعله معاوية وليا لعهد يزيد ورده إلى المدينة، ثم إنه عزله عنها ولم يف لمروان بما جعل له من ولاية عهد يزيد. ولم يشر الطبري وابن الأثير وابن الأعثم إلى هذا الموقف. أما ابن قتيبة قال: أن مروان لما قرأ كتاب معاوية أبى من ذلك، وأبته قريش فكتب لمعاوية أن قومك قد أبوا إجابتك إلى بيعتك ابنك، فر رأيك، فلما بلغ معاوية كتاب مروان عرف أن ذلك من قبله. فكتب إليه يأمره أن يعتزل عن عمله. فجاءه مروان مع قومه وأهل بيته … فقال له معاوية: إليك عهد عهده وأنت نظير أمير المؤمنين بعده (الإمامة والسياسة) ١/ ١٧٦ - ١٧٧.
(٢) في الإمامة والسياسة ١/ ١٧٧ سعيد بن العاص. قال ابن عبد البر في الاستيعاب: أن ذلك كان سنة ثمان وأربعين ثم عزله وولاها مروان ثم عزله وولى الوليد بن عتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>