للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزويجه بزينب بنت جحش ابن رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ الْأَسَدِيَّةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ بِنْتُ أُمَيْمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَكَانَتِ قَبْلَهُ عِنْدَ مَوْلَاهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قَالَ قَتَادَةُ وَالْوَاقِدِيُّ وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تزوَّجها عَلَيْهِ السَّلَامُ سَنَةَ خَمْسٍ، زَادَ بَعْضُهُمْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ مَنْدَهْ تَزَوَّجَهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُ

وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التاريخ وقد ذكره غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ التَّارِيخِ فِي سَبَبِ تَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِيثًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ تَرَكْنَا إيراده قصداً لئلا يضعه مَنْ لَا يَفْهَمُ عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: (وإذا تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لكيلا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حرج في زواج أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا منها وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مفعولا) [الاحزاب: ٣٧] .

(مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) [الْأَحْزَابِ: ٣٨] .

وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، فَالْمُرَادُ بِالَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَاهُنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعتق وزوجه بابنة عمه زينب بنت جحش.

قال مقاتل بن حبان: وَكَانَ صَدَاقُهُ لَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَسِتِّينَ دِرْهَمًا وخماراً وملحفة ودرعاً وخمسين مداً وَعَشَرَةَ أَمْدَادٍ مِنْ تَمْرٍ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ قَرِيبًا مِنْ سَنَةٍ أَوْ فَوْقَهَا، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فجاء زوجها يَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَقُولُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ.

قَالَ اللَّهُ (وَتُخْفِي نفسك ما الله مبديه) قال علي بن الحسين زيد العابدين والسدي: كان [رسول] الله قد علم أَنَّهَا سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَقَدْ تَكَلَّمَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلف هَاهُنَا بِآثَارٍ غَرِيبَةٍ وَبَعْضُهَا فِيهِ نظر تركناها.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا) ، ذلك أَنَّ زَيْدًا طَلَّقَهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُهَا إِلَى نَفْسِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَكَانَ الَّذِي زَوَّجَهَا مِنْهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقُولُ: زوجكن أهليكن وَزَوَّجَنِيَ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ (١) .

وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ: أَنْكَحَنِيَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ.

وَفِيهَا أُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غير ناظرين


(١) أخرجه البخاريّ عن أحمد (ابن سيار المروزي) عن محمد بن أبي بكر في كتاب التوحيد باب وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء
فتح الباري ١٣ / ٤٠٢.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>