للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتْحُ الْأَهْوَازِ وَمَنَاذِرَ وَنَهْرِ تِيرَى قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ.

ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ سيف؟ ن شُيُوخِهِ أَنَّ الْهُرْمُزَانَ كَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَى هَذِهِ الْأَقَالِيمِ وَكَانَ مِمَّنْ فَرَّ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ من الفرس، جهز أَبُو مُوسَى مِنَ الْبَصْرَةِ (١) ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ مِنَ الْكُوفَةِ جَيْشَيْنِ لِقِتَالِهِ، فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ،

أخذوا مِنْهُ مَا بَيْنَ دِجْلَةَ إِلَى دُجَيْلٍ، وَغَنِمُوا مِنْ جَيْشِهِ مَا أَرَادُوا، وَقَتَلُوا مَنْ أَرَادُوا، ثم صانعهم طلب مصالحتهم عن بقية بلاده (٢) ، فشاروا فِي ذَلِكَ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ فَصَالَحَهُ، وَبَعَثَ بالاخماس البشارة إِلَى عُمَرَ، وَبَعَثَ وَفْدًا فِيهِمُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ.

فَأُعْجِبَ عُمَرُ بِهِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ.

وَكَتَبَ إِلَى عُتْبَةَ يُوصِيهِ بِهِ وَيَأْمُرُهُ بِمُشَاوَرَتِهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِرَأْيِهِ.

ثُمَّ نَقَضَ الْهُرْمُزَانُ الْعَهْدَ وَالصُّلْحَ، وَاسْتَعَانَ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْأَكْرَادِ، وَغَرَّتْهُ نَفْسُهُ، وَحَسَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ عَمَلَهُ فِي ذَلِكَ.

فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَنُصِرُوا عَلَيْهِ وَقَتَلُوا مِنْ جَيْشِهِ جَمًّا غَفِيرًا، وخلقاً كثيراً، وجمعاً عظيماً، وَاسْتَلَبُوا مِنْهُ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ إِلَى تُسْتَرَ، فَتَحَصَّنَ بِهَا، وَبَعَثُوا إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ الْأُسُودُ بْنُ سَرِيعٍ فِي ذَلِكَ - وَكَانَ صَحَابِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

لَعَمْرُكَ ما أضاع بنو أبينا * ولكن حافظوا فيمن يطيعوا أطاعوا ربهم وعصاه قوم * أضاعوا أمره فيمن يُضِيعُ مَجُوسٌ لَا يُنَهْنِهُهَا كِتَابٌ * فَلَاقَوْا كَبَّةً فِيهَا قُبُوعُ وَوَلَّى الْهُرْمُزَانُ عَلَى جَوَادٍ * سَرِيعِ الشَّدِّ يَثْفِنُهُ الْجَمِيعُ وَخَلَّى سُرَّةَ الْأَهْوَازِ كَرْهًا * غَدَاةَ الْجِسْرِ إِذْ نَجَمَ الرَّبِيعُ وَقَالَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ وَكَانَ صَحَابِيًّا أَيْضًا: غَلَبْنَا الْهُرْمُزَانَ عَلَى بِلَادٍ * لَهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ذَخَائِرْ سَوَاءٌ بَرُّهُمْ وَالْبَحْرُ فِيهَا * إِذَا صَارَتْ نواحيها بواكر لها بجر يَعُجُّ بِجَانِبَيْهِ * جَعَافِرُ لَا يَزَالُ لَهَا زَوَاخِرْ


(١) لم يأت الطبري في روايته على ذكر أبي موسى، الخبر فيه ٤ / ٢٠٨.
وقال في فتوح البلدان: أن المغيرة بن شعبة غزا في ولايته سوق الاهواز وشخص عتبة من البصرة آخر سنة خمس عشرة أو أول سنة ست عشرة.
وبعد نكث الهرمزان صلحه غزاها أبو موسى وكان قد تولى البصرة بعد المغيرة وذلك في سنة سبع عشرة ٢ / ٤٦٤.
ويؤيده ما ذكره ابن الاعثم في فتوحه ٢ / ٣ في كتاب عمر إلى أبي موسى: " فقد بلغني أن الاعاجم قد تحركت بأرض الاهواز من تستر والسوس ومناذر وما والى ذلك ... سر على بركة الله ".
(٢) كان الصلح معه على الاهواز كلها ومهرجان خان ما خلا نهر تيري ومناذر وما غلبوا عليه من سوق الاهواز.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>