للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي " وَقَدْ رَوَاهُ أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ صُبَيْحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَذَكَرَهُ.

وَقَالَ بَقِيَّةُ عن بجير بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ معدي كرب قال: سمعت رسول الله يَقُولُ: " الْحَسَنُ مِنِّي وَالْحُسَيْنُ مِنْ عَلِيٍّ " فِيهِ نَكَارَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى.

وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بن أبي عدي عن ابن عوف عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ.

قَالَ: " كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَقِينَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَرِنِي أُقَبِّلْ مِنْكَ حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يقبّل، فقال: بقميصه، قال: فقيل سُرَّتَهُ " تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ إسماعيل بن علية عن ابن عوف.

وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ جرير، عن عبد الرحمن أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ.

قَالَ: " رَأَيْتُ رسول الله يَمُصُّ لِسَانَهُ - أَوْ قَالَ شَفَتَهُ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ - وَإِنَّهُ لَنْ يُعذب لِسَانٌ أَوْ شفتان يمصهما رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ.

وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ جَابِرِ بْنِ

عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ولعلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ".

وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عِنْدَ نُزُولِ الْحَسَنِ لِمُعَاوِيَةَ عَنِ الْخِلَافَةِ، وَوَقَعَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هَذَا، وَكَذَلِكَ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَدْ كَانَ الصِّديق يُجِلُّهُ وَيُعَظِّمُهُ وَيُكْرِمُهُ وَيُحِبُّهُ وَيَتَفَدَّاهُ، وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَرَوَى الواقدي عن موسى بن محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه، عُمَرَ لَمَّا عَمِلَ الدِّيوَانَ فَرَضَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ مع أهل بدر في خمسة آلاف خَمْسَةِ آلَافٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يُكْرِمُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيُحِبُّهُمَا.

وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَ الدَّارِ - وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ محصور - عنده ومعه السيف متقلداً به يحاجف عَنْ عُثْمَانَ فَخَشِيَ عُثْمَانُ عَلَيْهِ فَأَقْسَمَ عَلَيْهِ لَيَرْجِعَنَّ إِلَى مَنْزِلِهِمْ تَطْيِيبًا لِقَلْبِ عَلِيٍّ، وَخَوْفًا عَلَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَكَانَ عَلِيٌّ يُكْرِمُ الْحَسَنَ إِكْرَامًا زَائِدًا، وَيُعَظِّمُهُ وَيُبَجِّلُهُ وَقَدْ قَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا بُنَيَّ أَلَا تَخْطُبُ حَتَّى أَسْمَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَخْطُبَ وَأَنَا أَرَاكَ، فَذَهَبَ عَلِيٌّ فَجَلَسَ حَيْثُ لَا يَرَاهُ الْحَسَنَ ثُمَّ قَامَ الْحَسَنُ فِي النَّاسِ خَطِيبًا وَعَلِيٌّ يَسْمَعُ، فَأَدَّى خُطْبَةً بَلِيغَةً فَصِيحَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ جَعَلَ عَلِيٌّ يَقُولُ: ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

وَقَدْ كَانَ ابْنُ عبَّاس يَأْخُذُ الرِّكَابَ لِلْحَسَنِ والحسين إذا ركبا، ويرى هذا من النعم عَلَيْهِ.

وَكَانَا إِذَا طَافَا بِالْبَيْتِ يَكَادُ النَّاسُ يُحَطِّمُونَهُمَا مِمَّا يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِمَا لِلسَّلَامِ عَلَيْهِمَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَرْضَاهُمَا.

وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا قَامَتِ النِّسَاءُ عَنْ مِثْلِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ الْحَسَنُ إِذَا صلَّى الغداة في مسجد رسول الله يَجْلِسُ فِي مُصَلَّاهُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَيَجْلِسُ إِلَيْهِ مِنْ يَجْلِسُ مِنْ سَادَاتِ النَّاسِ يَتَحَدَّثُونَ عِنْدَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَدْخُلُ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَرُبَّمَا أَتْحَفْنَهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ.

وَلَمَّا نَزَلَ لِمُعَاوِيَةَ عَنِ الْخِلَافَةِ مِنْ وَرَعِهِ صِيَانَةً لِدِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، كَانَ لَهُ عليَّ مُعَاوِيَةَ فِي كُلِّ عَامٍ جَائِزَةٌ، وَكَانَ يَفِدُ إِلَيْهِ، فَرُبَّمَا أَجَازَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَرَاتِبُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةُ أَلْفٍ، فَانْقَطَعَ سَنَةً عَنِ الذَّهَابِ وَجَاءَ وَقْتُ الْجَائِزَةِ فَاحْتَاجَ الْحَسَنُ إِلَيْهَا - وَكَانَ مِنْ أَكْرَمِ النَّاسِ - فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ لِيَبْعَثَ بِهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا نَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَأَى رَسُولَ الله فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَتَكْتُبُ إِلَى مَخْلُوقٍ بِحَاجَتِكَ؟ وَعَلَّمَهُ دُعَاءً يَدْعُو بِهِ " فَتَرَكَ الْحَسَنُ مَا كَانَ هَمَّ بِهِ مِنَ الْكِتَابَةِ، فَذَكَرَهُ مُعَاوِيَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>