وَافْتَقَدَهُ، وَقَالَ: ابْعَثُوا إِلَيْهِ بِمِائَتَيْ أَلْفٍ فَلَعَلَّ لَهُ ضَرُورَةً فِي تَرْكِهِ الْقُدُومَ عَلَيْنَا، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ.
قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ.
حَكَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ، قَالُوا: وَقَاسَمَ اللَّهَ مَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَخَرَجَ مِنْ مَالِهِ مَرَّتَيْنِ، وَحَجَّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً مَاشِيًا وَإِنَّ الْجَنَائِبَ لَتُقَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وَرَوَى ذلك البيهقي من طريق عبيد الله بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: وَقَدْ عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ حَجَّ مَاشِيًا وَالْجَنَائِبُ تُقَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ: حَجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مَاشِيًا وَالْجَنَائِبُ تُقَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَجَائِبُهُ تُقَادُ إِلَى جَنْبِهِ.
وَقَالَ العبَّاس بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ علي: إني لأستحي من ربي أَنْ أَلْقَاهُ وَلَمْ أَمْشِ إِلَى بَيْتِهِ، فَمَشَى عشرين مرة إلى الْمَدِينَةِ عَلَى رِجْلَيْهِ، قَالُوا: وَكَانَ يَقْرَأُ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ سُورَةَ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ يَقْرَأُ كُلَّ ليلة سورة الكهف قبل أن ينام، يقرأها من لوح كان يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فيقرأه بعدما يَدْخُلُ فِي الْفِرَاشِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَدْ كَانَ مِنَ الْكَرَمِ عَلَى جَانِبٍ عَظِيمٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: رُبَّمَا أَجَازَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ بِمِائَةِ أَلْفٍ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَمِعَ الحسن رجلاً إلى جانبه يَدْعُو اللَّهُ أَنْ يُمَلِّكَهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَقَامَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ.
وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَسَنَ رَأَى غُلَامًا أَسْوَدَ يَأْكُلُ مِنْ رَغِيفٍ لُقْمَةً وَيُطْعِمُ كَلْبًا هُنَاكَ لُقْمَةً، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي أَسْتَحِي مِنْهُ أَنْ آكُلَ وَلَا أُطْعِمَهُ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: لَا تَبْرَحْ مِنْ مَكَانِكَ حَتَّى آتِيَكَ، فَذَهَبَ إِلَى سَيِّدِهِ فَاشْتَرَاهُ وَاشْتَرَى الْحَائِطَ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَأَعْتَقَهُ وَمَلَّكَهُ الْحَائِطَ، فَقَالَ الْغُلَامُ: يَا مَوْلَايَ قَدْ وَهَبْتُ الْحَائِطَ لِلَّذِي وَهَبَتْنِي لَهُ.
قَالُوا: وَكَانَ كَثِيرَ التَّزَوُّجِ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ، وَكَانَ مِطْلَاقًا مِصْدَاقًا، يقال إنه أحصن سبعين امْرَأَةً، وَذَكَرُوا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ فِي يَوْمٍ، واحدة من بني أسد وأخرى من بني فزارة - فَزَارِيَّةً - وَبَعَثَ إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَبِزُقَاقٍ مِنْ عَسَلٍ، وَقَالَ لِلْغُلَامِ: اسْمَعْ مَا تَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَأَمَّا الْفَزَارِيَّةُ فَقَالَتْ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَدَعَتْ لَهُ، وَأَمَّا الْأَسَدِيَّةُ
فَقَالَتْ.
مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقِ.
فَرَجَعَ الْغُلَامُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَارْتَجَعَ الْأَسْدِيَةَ وَتَرَكَ الْفَزَارِيَّةَ.
وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ: لَا تُزَوِّجُوهُ فَإِنَّهُ مِطْلَاقٌ، فَيَقُولُونَ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ خَطَبَ إِلَيْنَا كُلَّ يَوْمٍ لَزَوَّجَنَاهُ مِنَّا مَنْ شَاءَ ابْتِغَاءً فِي صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَذَكَرُوا أَنَّهُ نَامَ مَعَ امْرَأَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ مَنْظُورٍ الْفَزَارِيِّ - وَقِيلَ هِنْدَ بِنْتِ سُهَيْلٍ - فَوْقَ إِجَّارٍ فَعَمَدَتِ الْمَرْأَةُ فَرَبَطَتْ رِجْلَهُ بِخِمَارِهَا إِلَى خَلْخَالِهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ لَهَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: خشيت أَنْ تَقُومَ مِنْ وَسَنِ النَّومِ فَتَسْقُطَ فَأَكُونُ أَشْأَمَ سَخْلَةٍ عَلَى الْعَرَبِ.
فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ مِنْهَا، وَاسْتَمَرَّ بِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَاسْتَعَانَ بِهِ فِي حَاجَةٍ فَوَجَدَهُ مُعْتَكِفًا فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَذَهَبَ إِلَى الْحَسَنِ فَاسْتَعَانَ بِهِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَقَالَ: لَقَضَاءُ حَاجَةِ أَخٍ لِي فِي اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ لَا يَدْعُو إِلَى طَعَامِهِ