للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْعُونَهُمْ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُمْ مَعَهُمْ عَلَى السُّلْطَانِ، فَأُخِذُوا فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ، وَجَاءَتْ كُتُبُهُمْ مَعَ البريدية وكان آخِرَ الْعَهْدِ بِهِمْ.

وَفِيهَا أَقْبَلَ السُّلْطَانُ بِالْعَسَاكِرِ فدخل بلاد سِيسَ (١) يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْحَادِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَتَلُوا خَلْقًا لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ وَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَبْقَارِ وَالْأَغْنَامِ وَالْأَثْقَالِ وَالدَّوَابِّ والأنعام، فبيع ذلك بِأَرْخَصِ ثَمَنٍ، ثُمَّ عَادَ فَدَخَلَ دِمَشْقَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا فِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَأَقَامَ بِهَا حتى دخلت السَّنَةُ.

وَفِيهَا ثَارَ عَلَى أَهْلِ الْمَوْصِلِ رَمْلٌ حَتَّى عَمَّ الْأُفُقَ وَخَرَجُوا مِنْ دُورِهِمْ يَبْتَهِلُونَ إِلَى اللَّهِ حَتَّى كَشَفَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَاللَّهُ تعالى أعلم.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: ابْنُ عَطَاءٍ الْحَنَفِيُّ قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ جبير بن جابر بن وهيب الأذرعي الحنفي، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ (٢) وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَابَ فِي الْحُكْمِ عَنِ الشَّافِعِيِّ مُدَّةً، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِقَضَاءِ الحنفية أول ما ولى الْقُضَاةُ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَمَّا وَقَعَتِ الْحَوْطَةُ عَلَى أَمْلَاكِ

النَّاسِ أَرَادَ السُّلْطَانُ مِنْهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ، فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ فقال: هذه أملاك بيد أصحابها، وَمَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهَا ثُمَّ نَهَضَ مِنَ الْمَجْلِسِ فَذَهَبَ، فَغَضِبَ السُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، ثُمَّ سَكَنَ غَضَبُهُ فَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَمْدَحُهُ، وَيَقُولُ: لَا تثبتوا كتباً إلا عنه.

كَانَ ابْنُ عَطَاءٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْأَخْيَارِ كَثِيرَ التَّوَاضُعِ قَلِيلَ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا، رَوَى عَنْهُ ابْنُ جَمَاعَةَ وَأَجَازَ لِلْبِرْزَالِيِّ.

تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَاسِعَ (٣) جُمَادَى الْأُولَى، وَدُفِنَ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمُعَظَّمِيَّةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

بِيمُنْدُ بْنُ بيمند بن بيمند ابرنس طرابلس الفرنجي، كان جده نائباً لبنت صيحل الَّذِي تَمَلَّكَ طَرَابُلُسَ مِنَ ابْنِ عَمَّارٍ فِي حُدُودِ الْخَمْسِمِائَةِ، وَكَانَتْ يَتِيمَةً تَسْكُنُ بَعْضَ جَزَائِرِ البحر، فتغلب هذا على البلد لبعدها


= ومنكو، وسريغا، وطنغري فودى، وطنغري برمش، وأنوك، وبرمش، وبلبان مجلى، والبعلاي المرتد، وبلاغه (في اليونيني: بلاغا) وطبعني (طبوعون) وأيبك، وسنجر الحواشي التركي.
(١) انظر في أسباب دخوله سيس، وتفاصيل غزوته هذه: الروض الزاهر ص ٤٣٢ وما بعدها وتاريخ الملك الظاهر ٢ / ٩٠.
(٢) في تاريخ الملك الظاهر ٢ / ١٠٠: ثمان.
(٣) في تاريخ الظاهر، واليونيني ٣ / ٩٦: ثامن.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>