للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إبليس لعنة الله عليه: أي عباد الله أخراكم. فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال: أي عباد الله أبي أبي. قال: قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه. فقال حذيفة يغفر الله لكم. قال عروة: فوالله ما زال في حذيفة بقية خير حتى لقي الله ﷿. قلت: كان سبب ذلك أن اليمان وثابت بن وقش كانا في الآطام مع النساء لكبرهما وضعفهما فقالا: انه لم يبق من آجالنا إلا ظم ء حمار فنزلا ليحضرا الحرب فجاء طريقهما ناحية المشركين فأما ثابت فقتله المشركون وأما اليمان فقتله المسلمون خطأ. وتصدق حذيفة بدية أبيه على المسلمين ولم يعاتب أحدا منهم لظهور العذر في ذلك.

[فصل]

قال ابن إسحاق: وأصيب يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى سقطت على وجنته فردها رسول الله بيده فكانت أحسن عينيه وأحدهما. وفي الحديث عن جابر بن عبد الله أن قتادة بن النعمان أصيبت عينه يوم أحد حتى سالت على خده، فردها رسول الله مكانها فكانت أحسن عينيه وأحدهما وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى. وروى الدارقطني بإسناد غريب عن مالك، عن محمد بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد عن أخيه قتادة بن النعمان قال: أصيبت عيناي يوم أحد فسقطتا على وجنتي فأتيت بهما رسول الله فأعادهما مكانهما وبصق فيهما فعادتا تبرقان. والمشهور الأول أنه أصيبت عينه الواحدة. ولهذا لما وفد ولده على عمر بن عبد العزيز قال له: من أنت؟ فقال له مرتجلا:

أنا ابن الذي سالت على الخد عينه … فردت بكف المصطفى أحسن الرد

فعادت كما كانت لأول أمرها … فيا حسنها عينا ويا حسن ما خد

فقال عمر بن عبد العزيز عند ذلك:

تلك المكارم لا قعبان من لبن … شيبا بماء فعادا بعد أبو الا

ثم وصله فأحسن جائزته .

[فصل]

قال ابن هشام: وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد، فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول: دخلت على أم عمارة فقلت لها: يا خالة أخبريني خبرك فقالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي عن القوس حتى خلصت الجراح إلي. قالت: فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور، فقلت لها: من أصابك بهذا؟ قالت ابن قمئة، أقمأه الله، لما ولى الناس عن رسول الله أقبل يقول دلوني على محمد لا نجوت إن نجا فاعترضت

<<  <  ج: ص:  >  >>