للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وكان ممن صبر يومئذ وَكَانَ حَسَنَ الْإِسْلَامِ حِينَ أَسْلَمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِثَفَرِ (١) بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَقَالَ " مَنْ هَذَا؟ " قَالَ ابْنُ أُمِّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ تَكَلَّمَ رِجَالٌ مَنَّ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنِ الضِّغْنِ، فَقَالَ أَبُو سفيان صخر بن حرب - يعني وكان إسلامه بعد مدخولاً وكانت الأزلام بعد معه يومئذ - قال: لَا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبَحْرِ، وَصَرَخَ كَلَدَةُ بْنُ الْحَنْبَلِ وَهُوَ مَعَ أَخِيهِ صَفْوَانَ بْنِ أميَّة - يَعْنِي لِأُمِّهِ - وَهُوَ مُشْرِكٌ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا بَطَلَ السِّحر الْيَوْمَ.

فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: اسْكُتْ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ فَوَاللَّهِ لئن يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بن سلمة أنبا إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ هَوَازِنَ جَاءَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فَجَعَلُوهَا صُفُوفًا يُكَثِّرُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا الْتَقَوْا وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ.

ثُمَّ قَالَ " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنَا عَبْدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " قَالَ: فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يُضْرَبْ بِسَيْفٍ وَلَمْ يُطْعَنْ بِرُمْحٍ.

قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يومئذٍ " مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ " قَالَ فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ (٢) ، وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ضَرَبْتُ رَجُلًا عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ فَأُجْهِضَتْ عَنْهُ فَانْظُرْ مَنْ أَخَذَهَا قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا أَخَذْتُهَا فَأَرْضِهِ مِنْهَا وَأَعْطِنِيهَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ أَوْ سَكَتَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ

عمر: والله لا يفئها اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللَّهِ وَيُعْطِيكَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَدَقَ عُمَرُ " (٣) قَالَ وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ أن أبعج في بَطْنَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَمَا تَسْمَعُ مَا تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أقتل من بعدها مِنَ الطُّلَقَاءِ انْهَزَمُوا بِكَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ " (٤) وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْهُ قِصَّةَ خِنْجَرِ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ قَوْلَهُ " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ " كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ.

وَقَوْلُ عُمَرَ فِي هَذَا مُسْتَغْرَبٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ، شَهِدَ أنس بن مالك فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ: يَا أَبَا حَمْزَةَ بِسِنِّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذْ بُعِثَ؟ فَقَالَ: ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ ثُمَّ كَانَ مَاذَا؟ قَالَ ثمَّ كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَتَمَّتْ لَهُ سِتُّونَ سَنَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ.

قَالَ بِسِنِّ أَيِّ الرِّجَالِ هو


(١) الثفر: السير في مؤخر السرج.
(٢) رواه البيهقي في الدَّلائل من طريق عبد الواحد بن غياث عن حماد.
ج ٥ / ١٥٠.
(٣) روى البيهقي الخبر في دلائله ج ٥ / ١٤٨.
(٤) رواه مسلم في الصحيح ٣٢ كتاب الجهاد ٥٧ باب حديث ١٣٤، والبيهقي في الدلائل ٥ / ١٥٠.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>